الأنباء الأولية، التي لم تعلن رسمياً بعد، تشير إلى أن صفقة التبادل تتحرك نحو التنفيذ، ومناورات كسب وإضاعة الوقت تحصد أرواحاً كثيرة في غزة، وتنتج اضطرابات صاخبة في إسرائيل.
حماس تطالب بأن تؤدي الجهود المبذولة ليس فقط إلى وقف مؤقت لإطلاق النار حتى لمدة شهرين، بل إلى الانسحاب الإسرائيلي من غزة، وفتح المعابر ليس للمساعدات فقط وإنما لدخول جميع مستلزمات إعادة الإعمار، وينقصها ميزان قوى يفرض ذلك.
إسرائيل.. تريد معالجات جزئية وبالقطعة، تؤدي إلى استعادة المحتجزين جميعاً الأحياء والأموات، دون أن تلزم نفسها بالانسحاب أو فتح المعابر، لمرور قوافل المساعدات الإنسانية، وهي تدرك استحالة القبول بما تريد.
الأمريكيون الذين أمهلوا إسرائيل أسبوعين لوقف النار، وهذا لا يعني إنهاء الحرب، وإنما لمجرد تهدئة تسبق الزيارة التي سيقوم بها ترمب إلى السعودية والمنطقة، ولو راجعنا مسار الصفقات التي أُبرمت وجرى تنفيذ بعض أجزائها والانقلاب على البعض الآخر، لوجدنا أن كل يوم في التفاوض على أجزاء الصفقة يحصد مزيداً من الأرواح، وذلك لتحسين الشروط ليس إلا، وهكذا قطعت الحرب أيامها وشهورها لتدخل عامها الثاني وفي طريقها إلى الثالث، وما زال الحديث عن ثمانية محتجزين جرى التفاهم الأولي على إطلاق سراحهم مقابل عدد من الأسرى الفلسطينيين الذين لا ضمانة أكيدة بأن لا يعاد اعتقالهم في الأيام التالية.
دوامة الحرب ستتواصل رغم الهدن والتبادلات الجزئية، ومظاهرات الاحتجاج في إسرائيل وعرائضها، وإنذارات الإدارة الأمريكية ومتطلباتها، ورهانات حماس على مصير حكمها ووجودها في غزة، وإذا كنا نفرح ولو بيوم واحد يتوقف فيه القتل والتدمير، ونرحب بخروج أي عدد من الأسرى، إلا أننا كفلسطينيين لسنا مطمئنين إلى أن مسار الصفقات الجزئية وحتمية التفاوض الطويل بين مراحلها سوف يُنهي الحرب، لأن الذي ينهيها فعلاً هو انتقال اللاعب الأمريكي من حالة التهدئة عند اللزوم والإشعال عند اللزوم كذلك، إلى التفكير الجدي في حتمية إبرام صفقة أوسع وأشمل من كل الصفقات الجزئية التي أنتجت حرباً طويلة الأمد، صفقة تتصل بالحل السياسي لأم قضايا المنطقة، وإذا ما قرر الرئيس ترمب الذهاب في هذا الاتجاه وستتضح الأمور أكثر عند زيارته للسعودية، فساعتئذ لن يجري الحديث عن ثمان أو تسعة أو أحد عشر محتجزاً يجري التفاوض حول إطلاق سراحهم، بل ستنتج فرصة لإطلاق سراح المنطقة من قبضة الصفقات، التي لم تنتج سلاماً بل حروباً لا تتوقف.