شعر الفلسطينيون أينما وجدوا بقلقٍ جماعي جرّاء ما أُعلن في عمّان عن اكتشاف وإحباط خلية عملٍِ تخريبية، بدت كما لو أنها حلقة في سلسلةٍ تستهدف أمن وسلامة الأردن بلداً وشعباً ومجتمعاً ونظاماً.
قلق الفلسطينيين مما أُعلن، مرده إلى وعي صقلته التجارب والأخطار والتحديات، بأهمية الأردن شعباً ونظاماً وسياسة، في كل ما يتصل بحياة الفلسطينيين وصمودهم على أرض وطنهم، وسعيهم المشترك مع الأردن، للتخلص من الاحتلال، وتمتع الشعب الفلسطيني في حقه بتقرير مصيره، وإقامة دولته المستقلة التي كان للملكة قصب السبق في الاعتراف بها وافتتاح أول سفارة لها في العاصمة عمّان.
الأردن كما هو بمجتمعه وقيادته وخياراته، ليس فقط شريك هدفٍ ومصير سياسي مع الفلسطينيين، بل هو الرئة الوحيدة التي يتنفس منها أهل الضفة عبر الجسور المفتوحة، التي لم تُغلق يوماً منذ احتلال العام 1967.
والأردن كما هو صمّام الأمان المجرب، وخصوصاً في هذه الهجمة الإسرائيلية الشرسة على حاضر ومستقبل الشعب الفلسطيني، ولن ينسى الفلسطينيون والأردنيون والعرب، وقفة المملكة المبدأية والشجاعة، والمتحدية لإسقاط مؤامرة التهجير التي هي فصل النهاية للقضية وحقوق شعبها وأحلامه المشروعة.
والأردن "وكلمة كما هو" أساسية في تقويمنا للوضع والدور، فهو الجدار الذي يستند إليه الفلسطينيون لتحقيق أهم شروط بقاء قضيتهم ومقدساتهم، وبقاءهم على أرض وطنهم، ولن ننسى كم كانت الوحدة الأردنية الفلسطينية قويةً وراسخة، ومن أنجح التجارب الوحدوية التي شهدها عالمنا العربي إن لم تكن الوحيدة التي نجحت بالفعل، لولا الخامس من جزيران وما أنتج من مآسٍ مشتركة وعميقة للشعبين التوأم.
أمن الأردن واستقراره ليس مسألة محلية تخص مواطني الدولة الأردنية الشقيقة، بل يهم الإقليم كله، وهذا ما ينبغي أن ينتبه إليه كل من يحرص على أمن واستقرار المنطقة.
وليس من سبيل لذلك غير الذهاب إلى حلٍ جذري للقضية الفلسطينية، وهذا ما يطالب به الأردن ويسعى إليه، وما يوفر علاجاً جذرياً لكل الظواهر المغامرة التي تنتعش وتعيش في غياب الحل العادل للقضية الأم قضية فلسطين.
نأمل أن تكون المغامرة الخطرة التي تم اكتشافها وإحباطها هي الأخيرة، ومع يقظة الأردن وأجهزته هنالك الوعي الشعبي الكفيل بمحاصرة مغامرات من هذا النوع ووأدها في مهدها.