المجلس المركزي واستقلالية القرار الوطني الفلسطيني

أحد اجتماعات المجلس المركزي لمنظمة التحرير الفلسطينية

 

 

 

لا يوجد استقلالية مطلقة للقرار الفلسطيني، هذا أمرٌ مفهوم، وحتى عندما يأخذ القادة الفلسطينيون قراراتهم بحرية تامة ودون أي تدخل من أية جهة خارجية فانهم يأخذون في الاعتبار وضع الإقليم ومنحنيات الصراع وتعقيدات معادلة الحلفاء والخصوم وتصبح قراراتهم وإن كانت مستقلة الشكل إلا أنها متأثرة بالعوامل هذه وبالتالي ليست مستقلة تماماً، وهذا أمر طبيعي لمختلف الدول، فما بالك بالفلسطينيين الذين يعانون من دكتاتورية الجغرافيا وتداخل المصالح الإقليمية والعربية والدولية في قضية وصراع تمتد آثاره إلى مختلف الجهات!!!!

ولكن دائماً وأبداً هناك حدود لتأثير تلك العوامل على القرارات الفلسطينية، تضيق وتتسع تلك الحدود تبعاً للمتغيرات، ومرتبطة بشكل أو بآخر بموازين القوى والحالة العامة، لكن وفي مختلف الظروف ومهما ضاقت الهوامش ومهما اشتدّت المصاعب فإنها لن تصل إلى حد أن تتشكل القيادة السياسية الفلسطينية بفعل الضغوط الخارجية وبطريقة تخدم الأطراف الخارجية على حساب المصالح الفلسطينية الاستراتيجية، هذا يتجاوز تلك الخطوط الحمراء، ويتجاوز منطق أخذ الأبعاد الإقليمية في الاعتبار ليصل إلى مستويات خطيرة من الخضوع لإملاءات خارجية.

المجلس المركزي الفلسطيني وحتى بكل العوار الذي يعاني منه فإنه يقف أمام مفترق خطير، بل ومنزلق خطير، الخضوع لإملاءات خارجية في إعادة تشكيل النظام السياسي الفلسطيني يعني ببساطة ينزلق إلى حد التسليم باستلاب الإرادة الوطنية أولاً، ويعني أننا لا نخضع لمتطلبات الواقع بل نرهن المستقبل الفلسطيني برمته لمتطلبات ليست فلسطينية وإرادات ليست فلسطينية ومصالح ليست فلسطينية وهذا أقل ما يقال فيه إنه الكفر الذي ليس بعده ذنب.

لا تبرير ولا تأويل، لا حكمة ولا رجاحة عقل، لا عقلانية ولا موضوعية، لا بعد نظر ولا طول نفس، لا شيء ولا كل شيء يبرر القبول بإملاءات لإعادة تشكيل النظام السياسي الفلسطيني حسب رغبات أو إملاءات الآخر الخارجي، فقط الشعب الفلسطيني هو من يختار قيادته، اختارها سابقاً عبر شرعية صندوق الرصاص، ويختارها الآن عبر شرعية صندوق الانتخاب ولن يختارها عبر صندوق العجب هذا والمعد له في الغرف المظلمة.

هناك طريق واحد لتجديد أو تغيير أو تكريس النظام السياسي الفلسطيني، الطريق واضحة وصريحة ولا يختلف حولها اثنان: الانتخابات الرئاسية والتشريعية وبدون أي تلعثم أو مواربة.

كل الطرق الأخرى هي مدخل للوصاية الخارجية، كل الطرق الأخرى مدخل للتشرذم، كل الطرق الأخرى مدخل لتعريض السلم الأهلي للخطر، كل الطرق الأخرى تقودنا إلى الهاوية وتعبدنا إلى ما هو أسوأ من قبل إنشاء منظمة التحرير الفلسطينية.

المجلس المركزي أمام امتحان تاريخي ووطني، والتاريخ لن يرحم، وشعبنا لن يغفر، ولن تمر الوصاية حتى ولو كانت عبر قرارات المجلس المركزي.

هل ما زال لدينا أمل في المجلس المركزي؟!!! يجب أن يكون لدينا أمل، وأمل كبير، نثق بوطنية الأغلبية الساحقة من أعضاءه، ونثق بوعي الأغلبية الساحقة من أعضاءه، ونثق بصلابة الأغلبية الساحقة من أعضاءه، ونثق بأن المؤامرة وإن كانت قوية فليس لها عيون تستطيع أن تنظر في الوجوه وتقول الحقيقة.

المجلس المركزي إما أن يمثل منظمة التحرير الفلسطينية رمز القرار الوطني الفلسطيني المستقل أو يمثل صعوداً إلى الهاوية.

ويبقى سؤال الشاعر الملهم محمود درويش معلقاً أمامكم:

من سيرفع راياتهم فوق أسوارنا، أنت أم هم أم فارس يائس؟ من يعلق أجراسهم فوق رؤوسنا أنت أم حارس يائس؟؟؟

أنتم فقط من يمتلك الإجابة.

 

 

 

 

Loading...