كان الجمهور الفلسطيني ومن معه، ينتظر قرارات محكمة العدل الدولية مطمئناً إلى أنها ستكون بجملتها وتفصيلها متطابقة تماماً مع المطالب الفلسطينية، أي في غير مصلحة الظلم والعدوان الإسرائيلي.
حين أٌعلنت القرارات انقسمت التقويمات حولها، فالجمهور الذي تختلف قواعد تقويمه عن الرسميين، شعر باستياء من عدم صدور إدانة صريحة ومباشرة للعدوان الإسرائيلي، وما يمثله من حرب إبادة وتصفية عرقية. وكذلك لعدم تضمن القرارات أمراً بالوقف الفوري للحرب، وهذا أهم ما يريده الفلسطينيون وأهل غزة بالذات.
التقويم الموضوعي أنه رغم ذلك فمجرد بقاء إسرائيل في قفص الاتهام فهذا إنجاز حقيقي يمكن أن يُبنى عليه الكثير، وكذلك التصويت بالإجماع إلا من صوتين، الإسرائيلي والأوغندي، سُجّل كأحد أهم مصادر العزلة لإسرائيل، فقد ظهرت في جانب والعالم كله في جانبٍ مقابل.
إن رد الطلب الإسرائيلي برفض الدعوى، جاء كضربة عميقة ومؤثرة وجهتها العدالة الدولية لإسرائيل، وهذا ما أفقد نتنياهو صوابه، وراح يؤلف تلفيقات ساذجة للتخفيف من وقع قرارات المحكمة على الشارع الإسرائيلي المحبط أصلا والمستاء من نتنياهو وسياساته، ومجرد بقاءه على رأس الحكومة في إسرائيل.
إن خلو القرارات مما كنا نرغب به، لا ينتقص من قيمة الإنجاز، وهذا يرتب علينا أن نعمل بجد ومواظبة مع كل الذين أيدوا القرارات لإرغام إسرائيل على الإذعان لطلبات المحكمة، خصوصاً وأنها أعطيت مهلة شهر لا أكثر لتبلغ المحكمة بما فعلت، إنه إنجاز مهم، إلا أن الأهم أن نعرف كيف نخدمه في سياق كفاحنا الوطني من أجل الحرية والاستقلال.