رغم الضغوط الهائلة والتهديدات التي تعرضت لها نيكاراغوا والتي سبق وتعرضت لها جنوب إفريقيا فقد أعلنت جمهورية نيكاراغوا يوم 23/1/2024 في بيان صحفي من أربع صفحات نشر باللغتين الاسبانية والانجليزية انضمامها إلى جمهورية جنوب إفريقيا في الدعوى المرفوعة من الأخيرة إلى محكمة العدل الدولية ضد الكيان الصهيوني بتهمة ارتكاب جريمة الإبادة الجماعية ضد الشعب الفلسطيني والواقعة في 84 صفحة.
وربما يتساءل البعض لماذا انتظرت نيكاراغوا لإعلان انضمامها إلى ما قبل صدور التدابير الاحترازية بغض النظر عن ماهية هذه التدابير، والإجابة ببساطة أن التدابير الاحترازية لا تعد الهدف الرئيس من الدعوى، على الرغم من اعتبار التدابير إن صدرت لصالح القضية أولوية من أجل وقف العدوان حتى صدور حكم قضائي نهائي قد يستغرق وقتاً طويلاً يصل إلى بضع سنوات.
ربما يشكل انضمام نيكاراغوا حافزاً لدول أخرى للانضمام، وبالأساس الدول العربية، حيث أنها مطالبة قبل غيرها لتشريع الولاية القضائية في برلماناتها والتي بدون تشريعها لا يُسمح بالانضمام. حيث أن انضمام مزيد من الدول يشكل وسيلة لحماية الشعوب الضعيفة ويرسي سقفاً ليس مسموحاً تجاوزه من أي دولة مهما كان تأثيرها وقوتها.
أما لماذا أصرت نيكاراغوا على الانضمام فبالإمكان إعادة هذا الانضمام إلى ثلاثة أسباب رئيسية، أولها القيم الإنسانية والمبادئ التي تبنتها الثورة الساندينية، وثانيها ضمان مستقبلي لحق نيكاراغوا في التعاون مع أي حليف لاستكمال شق قناة نيكاراغوا، وآخرها منع الولايات المتحدة الامريكية من التلاعب بمصير نيكاراغوا لاحقاً وكعقاب على ما اقترفته بحق نيكاراغوا من جرائم كتلك التي خاضتها مجموعات الكونتراس المدعومة أمريكيا ضد حكومة نيكاراغوا الساندينية، حيث ارتكبت هذه المجموعات عدداً كبيراً من انتهاكات حقوق الإنسان، واستخدمت أساليب إرهابية، نفذت خلالها أكثر من 1300 هجمة إرهابية في الفترة بين 1979 و1987. ليس هذا فحسب بل إن احتلال الولايات المتحدة الامريكية لنيكاراغوا ما بين 1912 و1933 كجزء من حروب الموز.
بدأ الاحتلال الرسمي في عام 1912، على الرغم من وجود العديد من الاعتداءات الأخرى من قبل الولايات المتحدة على نيكاراغوا طوال هذه الفترة. هدفت التدخلات العسكرية الأمريكية في نيكاراغوا لمنع أي دولة أخرى باستثناء الولايات المتحدة الأمريكية من بناء قناة نيكاراغوا بطول 276 كم التي تهدف لربط المحيطين الأطلسي والهادي وتشكل منافس قوي لقناة بنما. يشار إلى أن الصين طرحت مشروعاً جاداً في بدايات القرن 21 لبناء القناة مقابل إدارتها لمدة من الزمن والعمل جاري ولو بشكل بطيء.