صحافة وتقارير

الاحتلال يُنكّل بالفلسطينيين في خان يونس لدفعهم نحو التهجير القسري

قال المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان، إن الجيش الإسرائيلي يوسع من نطاق التهجير القسري، في محافظة خان يونس جنوب قطاع غزة، بالقتل والتدمير والتنكيل الشامل، وذلك في إطار جريمة الإبادة الجماعية المتواصلة بحق المدنيين الفلسطينيين منذ السابع من تشرين الأول الماضي.
يأتي ذلك، في وقت وثق تقرير، أصدره أمس، حول معاناة شديدة لآلاف السكان خلال نزوحهم القسري من مخيم خان يونس للاجئين ومناطق عدة أخرى في المحافظة إلى المناطق الساحلية الغربية منها، وسط أجواء ماطرة وباردة وإجراءات تنكيل إسرائيلية، ودون توفر أي مأوى آمن يفي بالحد الأدنى من الاحتياجات الإنسانية.
وقال التقرير: يجبر السكان على ترك أمتعتهم وكل ممتلكاتهم والمرور الفردي. وفي حين يسمح بمرور النساء والأطفال، يجبر الذكور من سن 15 عاماً فما فوق على رفع بطاقات الهوية، وفحصهم عبر بصمة العين بكاميرات مخصصة لذلك.
وأبرز "الأورومتوسطي" أن ذلك يأتي بعد أقل من يومين على إعلان قرار محكمة العدل الدولية فرض تدابير مؤقتة على إسرائيل لانتهاكها التزاماتها بموجب اتفاقية منع الإبادة الجماعية والمعاقبة عليها خلال تنفيذ عملياتها العسكرية، بما في ذلك النزوح القسري الواسع إلى أماكن ليست أكثر أمناً.
وأصدر الجيش الإسرائيلي أوامر إخلاء جديدة عبر وسائل التواصل الاجتماعي للفلسطينيين في عدد جديد من مناطق خان يونس، بمساحة إجمالية بأكثر من أربعة كيلومترات مربعة.
ويقدر عدد سكان المناطق المستهدفة بحوالى 90 ألف نسمة، بالإضافة إلى أكثر من 400 ألف نازح داخلياً يبحثون عن مأوى في 24 مدرسة ومركز إيواء، منها ثلاثة مستشفيات هي "مجمع ناصر" (475 سريراً)، و"الأمل" (100 سرير)، والمستشفى الأردني (50 سريراً)، وهو ما يمثل حوالى 20 بالمائة من المستشفيات المتبقية التي تعمل جزئياً في جميع أنحاء قطاع غزة، إلى جانب ثلاث عيادات صحية.
وفي أعقاب القصف الإسرائيلي المكثف على خان يونس والمنطقة الوسطى من قطاع غزة في الأيام الأخيرة، بالإضافة إلى أوامر الإخلاء العسكرية الإسرائيلية الجديدة، انتقل آلاف جدد من النازحين إلى مدينة رفح أقصى جنوب القطاع.
ورصد فريق "الأورومتوسطي" إقامة قوات الجيش الإسرائيلي نقطة تفتيش أمنية على شارع البحر غرب مخيم خان يونس، بعد أن أغلقت جميع الشوارع الفرعية التي كان يسلكها السكان خلال الأيام الماضية للنزوح من المخيم.
وبحسب إفادات جمعها "الأورومتوسطي" من نازحين، فإن جنود الجيش الإسرائيلي أجبروا بعضهم على ترديد هتافات جماعية مناهضة لفصائل فلسطينية للسماح لهم بالمرور دون استهداف.
وتلقى "الأورومتوسطي" العديد من الإفادات من نساء أجبرن على مغادرة الحاجز وحدهن، بعد اعتقال أو احتجاز الزوج أو الأب، وتقطعت السبل بهن، ولم يعد لديهن من يساعدهن وأطفالهن.
وتتوجه الغالبية من النازحين الذين يتمكنون من المرور عبر الحاجز إلى رفح التي باتت ملجأ لأكثر من 1.3 مليون نسمة، ويضطرون للوقوف في العراء بانتظار من يساعدهم وسط ظروف إنسانية بالغة السوء. فيما تبقى أعداد أخرى في المنطقة الساحلية ومواصي خان يونس، أو تتوجه إلى دير البلح وسط القطاع.
ويقدر إجمالي عدد النازحين في قطاع غزة بنحو مليونَي شخص، وقد نزح الكثير منهم عدة مرات، مع اضطرار العائلات إلى التنقل مراراً وتكراراً بحثاً عن الأمان، فيما يلجأ بعضها إلى العيش في العراء وعلى الأرض حيث تتدفق مياه الصرف الصحي.
ونبّه "الأورومتوسطي" إلى أن التوسيع الحاصل في نطاق التهجير القسري من خان يونس يتزامن مع تصعيد خطير في هجمات الجيش الإسرائيلي على المحافظة، بما في ذلك تصعيد تدمير مربعات سكنية بأكملها وحصار مستشفيات ومؤسسات بداخلها عشرات آلاف النازحين يتعرضون للاستهداف المباشر.
وأشار إلى أنه على مدار الأيام الثلاثة الماضية، أقيمت عدة مقابر عشوائية في "حي الأمل" ومخيم خان يونس وأخرى في ساحة "مجمع ناصر الطبي" لدفن مئات القتلى بسبب الأعداد المتزايدة من الضحايا المتوقعة والحاجة إلى إدارة عمليات الدفن.
ومنذ أيام، بقي "مجمع ناصر"، الذي كان يعمل أصلاً بالحد الأدنى، محاصراً من قبل الجيش الإسرائيلي ويتعرض للاستهداف المتكرر بالقذائف وإطلاق النار، فيما لم يعد قادراً على استقبال المرضى والجرحى أو الإمدادات.
بموازاة ذلك، خرج عن الخدمة مستشفى "الخير" في خان يونس، وهو واحد من ثلاثة فقط في قطاع غزة يقدم خدمات الأمومة، ويضطر المرضى الذين خضعوا للتوّ لعمليات حرجة فيه إلى المغادرة.
وأكد المرصد الأورومتوسطي على وجوب وقف انتهاكات إسرائيل في التهجير القسري والالتزام بقوانين الحرب التي تحظر تحت أي مبرر استهداف المدنيين عمداً، وتعتبر تهجيرهم قسرياً انتهاكاً جسيماً يصل إلى حد جرائم الحرب وجرائم ضد الإنسانية.
وشدد على أن قرار محكمة العدل الصادر للتوّ بشأن وجود "شك معقول" بأن إسرائيل تنتهك التزاماتها المترتبة على عاتقها كدولة طرف في اتفاقية منع الإبادة الجماعية، والممارسات الحاصلة على الأرض تتطلب ضغطاً دوليّاً بكافة الأشكال لوقف الجرائم المستمرة بحق المدنيين الفلسطينيين.

Loading...