تتصاعد الحرب بين نتنياهو والمتظاهرين الإسرائيليين المطالبين بإبرام صفقة مع حماس للإفراج عن الأسرى المحتجزين لديها.
الأمر لم يعد يقتصر على ذوي المحتجزين، بل اتسعت الدائرة لتضم مئات آلاف المتضامنين، الذين وصلت طلائعهم إلى القدس لإسماع صوتهم لنتنياهو، بصفته المعارض الأشرس لصفقات التبادل والمجازف بحياة المحتجزين من خلال استمراره في الحرب.
معركة نتنياهو خاسرة من العنوان حتى الخلاصة، فالعنوان الذي هو تخليص المحتجزين بالقوة، يفقد صدقيته واقتناع الإسرائيليين به، والخلاصة أنه بعد ثلاثة أشهر ونصف لم يفرج عن محتجز واحد بالقوة بل قتل بالقوة عدداً منهم.
آخر ما حرر أن نتنياهو اتهم ذوي المحتجزين ومن يناصرهم بأنهم يقدمون خدمة عظيمة لحماس، وهذا إنجاز وضعه بيد حماس إذ جنّد نسبة لا بأس بها من الإسرائيليين "كعملاء لها"، وإلا ما معنى اتهامهم بتقديم خدمة عظيمة لحماس..
مشكلة نتنياهو من جملة مشاكله الكبيرة والمتزايدة، أنه يتهم آخرين بما كان يقوم به، إذ لا أحد من ذوي المحتجزين في غزة، حمل الحقيبة القطرية على ظهره وقدمها لحماس، ولا أحد من ذوي المحتجزين قال بصريح العبارة، إن حكم حماس لغزة هو مصلحة استراتيجية لإسرائيل.
نتنياهو الذي كان يعتمد كثيراً على قدراته "التحايلية" التي مكنته من حكم إسرائيل لأطول فترة في تاريخها، يواجه الآن الحقيقة التي لا ينفع معها التحايل ولا التزويق اللغوي، فهو يجر إسرائيل إلى جبهات عدة لا مجال لكسبها، أولها غزة، وليس آخرها باب المندب، ويشتبك في خلافات حادة مع العالم كله بما في ذلك الإدارة الأمريكية، التي تدعوه للتعقل ولو قليلاً ليس من أجل عيون الفلسطينيين بل من أجل صورة إسرائيل أمام العالم.
حصيلة غرور نتنياهو واستسهاله إراقة الدم الفلسطيني بلا حساب، صوّره بحق الفاشل الأكبر الذي لا ينجيه من السقوط إلا مواصلة الحرب، دون أمل بحسمها كما وعد وكما يراهن.
لسان حال المتظاهرين ضده، والذين يتهمهم بتقديم خدمة عظيمة لحماس يقول.. "أنتم السابقون ونحن اللاحقون.