مقالات مختارة

الرقص على الدم في مؤتمر استيطان غزة

 

بقلم: بن كسبيت

في يوم ما، كانت تكفي غمزة غاضبة من مكتب رئيس الوزراء لأجل تفريق العصبة الهاذية والراقصة أمس في مباني الأمة في القدس.
دبكة الراقصين الهاذية، التي ضمت 30 نائباً ووزيراً من الائتلاف، بمن فيهم أعضاء الحزب الحاكم، ألحقت أمس بإسرائيل ضرراً استراتيجياً لا مرد له في الساحة الدولية المهمة جداً لمواصلة شرعية الحرب. لكننا لسنا في "يوم ما".
نحن في عصر لا يوجد فيه ملك في إسرائيل. رئيس الوزراء هو دمية قطنية يُفعلها إيتمار بن غفير وبتسلئيل سموتريتش.
من المرة السابقة التي طرح فيها موضوع استئناف الاستيطان اليهودي في قطاع غزة على جدول الأعمال، سارع نتنياهو لنشر تصريح بالانجليزية أعلن فيه أن هذا لن يحصل وإسرائيل لا تنوي تجديد حكمها في غزة.
افترض أنه تلقى في حينه بلاغاً صريحاً بأن هذا يجب أن يكون البيان الصريح الأخير له في هذا الموضوع. أما الآن فهو يصمت.
كل الناطقين بلسان الحكومة، الائتلاف ونتنياهو يروجون لنا بأنه محظور ممارسة السياسة الحزبية الآن.
محظور الحديث عن "اليوم التالي"، محظور الحديث عن انتخابات، عن لجنة تحقيق رسمية، عن من هو المسؤول ومن هو الذي قادنا إلى الحفرة التي وقعنا فيها.
وها هم أمس اجتمعوا في ميدان المدينة كالعرسان والعرائس (لكن بانفصال!) في يوم عرسهم، ورقصوا. على ماذا؟ على "اليوم التالي". على السياسة الحزبية الصرفة. فتجديد الحاضرة اليهودية في غزة هو السياسة الحزبية الأكبر في العالم والأكثر إثارة للخلاف في البلاد.
هم يأخذون الإجماع النادر حول هذه الحرب، ويفككونه إلى عناصر. في ظل الرقص. فعلى ماذا يحتفلون هناك، أولئك الأشخاص الهاذون، المنقطعون والمتعرقون؟ لقد بدا هذا كخليط بين فرحة بيت هشوأفا ورقصات المظليين في المبكى فور تحرير القدس. لكن هذا لم يكن هكذا.
هم يرقصون في ذروة الحرب، في ذروة إحدى المصائب الأكبر التي وقعت للشعب اليهودي.
هم لم ينجحوا بعد في البدء في إعادة مئات آلاف اللاجئين إلى بيوتهم في إسرائيل.
إقليمان مزدهران، لا يوجد حولهما أي خلاف، تحولا إلى مناطق جبهوية، إلى أحزمة أمن خاضعة لرحمة نصر الله والسنوار. وهم ليسوا حتى قريبين من إعادة هؤلاء الأشخاص إلى بيوتهم، لكنهم يحتفلون منذ الآن بتجديد الاستيطان اليهودي في غزة.
بينما هم يرقصون، فإن 25 عائلة تجلس أيام الحداد السبعة. بينما هم يرقصون، تصلي مئات العائلات لمصير أعزائها، بعضهم كبار في السن، مرضى ونساء، محتجزون في أنفاق الإرهاب في غزة.
بينما هم يحتفلون، تحاول إسرائيل الدفاع عن نفسها في وجه هجمة دولية منسقة في محكمة العدل الدولية، في محاكم عديدة أخرى، في ميادين المدن، في الشبكات الاجتماعية.
منذ 7 أكتوبر ونحن نحاول الإثبات بأنهم ذبحونا وقتلونا، بأننا لم نبادر إلى العنف وليست لدينا نوايا احتلال وضم جديدة وأننا ضحية الحدث. أما هذه العصبة فقد جاءت لتزج إصبعا وسطى في عين كل هذا. من خشبة القفز. عندما سُئل عن هذا نتنياهو أول من أمس في مؤتمر صحافي له، تملص كعادته.
السياسة في قطاع غزة قال (ليس بهذه الكلمات) يقررها الكابينيت الموسع. "الموسع"، لأن فيه يجلس أيضاً قادة المؤامرة، بن غفير وسموتريتش. لم يعد قادراً على أن يقول بصوته ما يفترض بكل زعيم إسرائيلي سوي العقل أن يقوله في هذا الوقت، بينما نحن معلقون تماماً في استمرار إرساليات الذخيرة من الولايات المتحدة، استمرار الإسناد العسكري، استمرار المظلة السياسية: لا، ليس لنا نية لإعادة إقامة غوش قطيف من جديد. توجد لنا نية واحدة فقط، وهي تفكيك وتقويض وإبادة حكم حماس.
هذه الجملة هي لب قلعة الشرعية التي نقاتل في سبيلها الآن. ما حصل أمس في مباني الأمة في القدس، يقوض هذه القلعة ويجعلها نكتة.
خذوا نتنياهو، أغلقوا عليه في غرفة مأطومة، اربطوه في جهاز كشف الكذب واستجوبوه إذا كان في العالم أي احتمال بإعادة إقامة المستوطنات في غزة.
هو سيقول الحقيقة. هو يعرف الحقيقة. عندما يخرج من الغرفة المأطومة، سيخاف، سيسكت أو سيكذب، كعادته.
لا يوجد ثمن هو ليس مستعداً لأن يدفعه كي يواصل الحيازة بحكومة الـ 64 المهزوزة التي أقامها هنا. كما قيل هنا مرات عديدة: هو ليس مؤهلاً لشيء. فبالتأكيد ليس لإدارة دولة في أزمة عميقة بهذا القدر.
أحد وزرائه شوهد أمس يتجول مع قبعة كاسكيت وعليها شعار نتنياهو الجديد "النصر التام". الرجل الذي اتهم أول من أمس عائلات المخطوفين بتعزيز حماس، الرجل الذي تهجم على قطر بدعوى "محقة" تمويل حماس، نسي من هو الذي أحدث كل هذا: هو الذي جلب المبعوث القطري إلى غزة.
هو وليس أي أحد آخر. هو المسؤول عن الوحش الذي ترعرع هنا، هو المسؤول عن المذبحة والقتل والاختطاف، والآن هو يتهم الرسول، الضحايا.


عن معاريف

Loading...