لم يعد الفلسطينيون بحاجة إلى اعتراف بحقهم لإقامة دولتهم، ذلك أن الاعتراف بهذا الحق تم الحصول عليه وإن بصورٍ متفاوتة منذ بداية نكبتهم.
الفلسطينيون بحاجة إلى أن يتولى العالم المسؤول عن مأساتهم تجسيد الاعتراف بالحق بتطبيقه على الأرض، وهذا القول موجه إلى أمريكا أولاً التي قالت أنها تدرس إمكانية الاعتراف بدولة فلسطينية، وفي تزامن ملفت معها قالت بريطانيا ذات القول.
اختبار الجدية أو بالأصح الصدقية، لا يحتاج إلى سنوات ولا حتى أشهر، ولا يحتاج كذلك إلى إذن من إسرائيل كي يقترن القول بالفعل، فإذا كان الاعتراف بالدول شأن من شؤون السيادة، فلماذا إذاً التلكؤ ولماذا طلب الإذن من إسرائيل في أمر كهذا؟ أم أن السيادة تنطبق على كل المواقف والسياسات إلا تلك المتصلة بإسرائيل.
الاعتراف بحق الفلسطينيين في دولة.. لا قيمة له إذا لم يقترن بعمل جدي يؤدي إلى قيامها، والدرس البليغ في هذا المجال هو مصطلح حل الدولتين الذي تبناه العالم كله، بما في ذلك أمريكا وبريطانيا ونصف إسرائيل، وها نحن نرى وبعد عقود أنه ظل مجرد كلام، حتى أن الرئيس بايدن قدم وصفاً دقيقاً للموقف العملي منه حين قال في بيت لحم: " إن من حقكم أيها الفلسطينيون أن يكون لديكم دولة ولكن بكل أسف لن تتحقق لا على المدى البعيد ولا على المدى الأبعد.
أين يمكن صرف كثرة الحديث عن حل الدولتين، وأين يمكن صرف كثرة الحديث عن حق الفلسطينيين في دولة، ما دام الذين يتحدثون عن هذا الأمر وخصوصاً الأمريكيين والبريطانيين. يطلقون يد إسرائيل في حرب تدميرية واستئصالية على غزة والضفة ويقومون بذر الرماد في العيون بمعاقبة أربع مستوطنين بتجميد حساباتهم البنكية، هذا إذا كانت لهم حسابات أصلاً.
سئم الفلسطينيون وسئم العالم من كثرة الحديث عن الحق في دولة، ولن يرضى الفلسطينيون والعالم إلا رؤية حركة جدية وعاجلة وحقيقية نحو تحقيقها على أرضها إذ لا ينقص من مكونات الدولة الحقيقية أي شيء، فالشعب الفلسطيني جاوز عديده الخمسة عشر مليوناً نصفهم على أرض الوطن والنصف الآخر في الشتات، والأرض الفلسطينية عامرة بأهلها، والغائب أو المغيب عن هذه العناصر هي الدولة.
لن يرضى الفلسطيني بالكلام وسيراقب المتكلمين ليعرف ماذا يفعلون!