ما زالت إسرائيل بكل جيشها ومعداته وذخائره ومرتزقته، تحارب طواحين الهواء، ليس في غزة وحدها ولا في جنوب لبنان، وإنما في كل مكان على جغرافية الشرق الأوسط.
حروب إسرائيل المباشرة وغير المباشرة، ومنذ أول حرب حتى آخر حرب، لم تحقق تلك الجملة السحرية التي وضعها نتنياهو كهدف، وهي الانتصار المطلق. أي الانتصار الذي يتوّج إسرائيل ملكة على عرش الشرق الأوسط، الخانع والمستسلم والذي تتسابق دوله على القول لها.. لقد هُزمنا فافعلي بنا ما تشائين.
إسرائيل أكثر من يعرف، أن ما تمتلكه من إمكانيات متفوقة على الآخرين في كل شيء، من تقزيم الطماطم إلى تطوير الدبابات والمسيّرات، إلى اقتناء العديد من القنابل النووية، إلى احتياطات لا تأكلها النيران، هي أكثر من يعرف أن كل ذلك يساوي صفراً دون الجدار الأمريكي، الذي ما أن اهتزت إسرائيل يوم السابع من أكتوبر، حتى امتلأ المتوسط بحاملات الطائرات الأمريكية التي جاءت لحماية "الدولة المتفوقة" ليس ذلك وحسب، بل جاء كل قادة أمريكا وفي مقدمتهم الرئيس بايدن ليتوجهوا من المطار إلى غرف العمليات الحربية، مجسدين بذلك أعلى مستوى تبني ومشاركة لأقذر حرب شهدها التاريخ المعاصر، ومنذ تلك الموقعة وحتى أيامنا هذه زار وزير خارجية أمريكا إسرائيل ست مرات.. ملتزماً بمحرّمة واحدة أن لا يوافق على وقف الحرب إلا بعد أن تحقق جميع أهدافها، وها هي تتجه نحو شهرها الخامس دون أن يتحقق سوى هدف واحد وهو استمرارها واستمرار النزف الإسرائيلي بشرياً وعسكرياً واقتصادياً، واستمرار النزف الأمريكي للهيبة المفترضة لدولة عظمى كان العالم يخشاها والآن يتفرج على تبدد هيبتها.
لا مغالاة حين نقول.. إن إسرائيل حوّلت أمريكا إلى أضحوكة.. فها هي الدولة العظمى تحارب في سوريا والعراق والأردن واليمن، وتغطي حرباً على فلسطين ولبنان وسوريا، وكل ما تفعل ليس من أجل حماية مصالح أمريكية بل انجرار وراء إسرائيل وأوهامها واجنداتها المستحيلة.
آخر ما يثير السخرية في السياسة الأمريكية، تفسيرها للغارات المشتركة مع بريطانيا ضد اليمن، ومثلها ضد الأذرع الإيرانية، على أنه تصعيد لمنع التصعيد!