بداية لا بد من الإشارة إلى أن الكونغرس الأمريكي صنّف منظمة التحرير الفلسطينية كمنظمة إرهابية منذ عام 1975، ولم يتغير هذا التصنيف حتى يومنا هذا، لم يكتفي الكونغرس بعدم إزالة اسم المنظمة من قائمة الإرهاب - على الرغم من أن المنظمة وقعّت على الاعتراف بإسرائيل في باحات البيت "الأسود" – بل تعدى ذلك إلى التصويت على قرار واعتماده يمنع قادة منظمة التحرير الفلسطينية من دخول الولايات المتحدة الأمريكية.
ما هي الأسباب يا ترى؟ لقد التقى قادة أمريكا بالرئيس محمود عباس بصفته رئيس اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية، ثم إن المنظمة سبق وعدلت جزءً من ميثاقها عام 1996 بناء على طلب أمريكي إسرائيلي مضافاً إليه أن القيادة الأمريكية ما انفكت منذ السابع من أكتوبر تعلن وفي كل المناسبات بأن الحل المطروح والممكن والأفضل هو حل الدولتين الذي تشكل منظمة التحرير الفلسطينية أحد قطبي هذا الحل، فما هو الذي تغير حتى يعيد الكونغرس التصويت على منع قادة المنظمة من دخول أمريكا علماً أن منظمة التحرير هي الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني المعترف به عالمياً؟
هل هذا التغيير مرتبط بتوجه جديد يهدف إلى اعتماد ممثل جديد؟ هل الشعارات الأمريكية حول حل الدولتين طوال فترة العدوان الأخير على فلسطين هو لذر الرماد في العيون؟
هل كانت الولايات المتحدة تسعى لإنقاذ إسرائيل كخطوة أولى على طريق تجسيد الهيمنة الإسرائيلية على المنطقة وإنهاء مشروع الدولة الفلسطينية؟
هل تتماشى أمريكا واقعياً مع طروحات اليمين الفاشي في إسرائيل والذي يمثله "معتوهين" هما بن غفير وسموتريتش؟ والذين طرحا مشروع عام 2017 أسمياه الحسم، والذي يهدف بين أشياء أخرى إلى ضم الضفة الغربية لإسرائيل ومنح السكان ثلاث خيارات: إما الهجرة، أو التحول إلى عبيدٍ لليهود، أو الموت، وما طرح اليوم من استدراج عطاءٍ جديد لبناء سبعة آلاف وحدة سكنية في الضفة الغربية إلا تأكيد على هذه النية؟
هل إصرار الإسرائيليين على دفع سكان قطاع غزة باتجاه الحدود مع مصر وتضييق الخناق عليهم ليختاروا الهجرة (الطوعية) إلى سيناء أو غيرها، توطئة لمنع أي تفكير بقيام كيانية فلسطينية على الأرض حتى في غزة وحدها؟
وهل مشاريع الاستيطان التي يدعوا لها الكثير من الإسرائيليين في قطاع غزة (غوش قطيف) أيضاً تعتبر خطوة على طريق خلق وقائع على الأرض لتحقيق الهدف الأساسي لليمين وهو منع قيام دولة فلسطينية؟
هل الأطراف المنخرطة في مباحثات باريس متفقة على أن لا حل سوى استسلام الشعب الفلسطيني؟
هل كل هذه الخطوات العملية الامريكية بدءً من تبني الموقف الإسرائيلي بحذافيره، مروراً بتزويد إسرائيل بكل أنواع السلاح، وجلب قوات تحالف غربية لحماية الكيان من الانهيار عبر مهاجمة مباشرة لبعض قوى محور المقاومة مضافاً إليها حمايته في المحافل الدولية هي لتعزيز حظوظ بايدن في الانتخابات القادمة.
وأخيراً سأفسح المجال لخيالي الذي لا يعدو كونه أحلام يقظة، هل تتجه الإدارة الامريكية لاستبدال المنظمة بالدولة الفلسطينية المستقلة ذات السيادة حتى وإن كانت منزوعة السلاح؟
الأيام القادمة كفيلة بإذابة الجليد لتتضح الأمور بشكل جلي.