مقالات مختارة

دولة فلسطينية بدل حرب وحشية أخرى

بقلم: أورلي أزولاي

حرب 7 أكتوبر لن تجلب النصر. حتى دولة مع جيش فاخر لن تهزم مخرباً سهل حركة القدمين ليس له ما يخسره. فهو سيقفز من فوهة نفق إلى فوهة نفق أخرى ويلاحق الجيش المنظم، الذي بعثت به دولة مصابة بالرعب لفرض النظام في مكان هو شرك موت.
ليس صدفة أن قال بايدن لنتنياهو في بداية القتال: تعلموا من أخطائنا. وقصد أفغانستان. 20 سنة قتال قضتها الولايات المتحدة هناك إلى أن انسحبت مكللة بالعار وأعادت المفاتيح لـ"طالبان". هكذا فعلت أيضاً في فيتنام. مقاتلون يعودون في التوابيت، أو جرحى في الجسد وفي النفس، مثلما حصل لمقاتلين أميركيين كثيرين في أفغانستان والعراق.
إن المذبحة التي ارتكبها مخربو "حماس" في بلدات غلاف غزة واجبة الرد. ولكن متى يكون كفى هو كفى؟ بسطنا مع الأرض، خربنا، جوعنا. غزة باتت تبدو مكاناً غير مناسب لسكن البشر. فكيف يطعمون اليوم رضيعاً في القطاع؟ كيف تتمكن امرأة حامل بلغت لحظة إنجابها من أن تلد وليدها حين لا تكون ماء نظيفة أو كهرباء؟
مشكوك حتى أن تكون صورة نصر أخلاقية مع المخطوفين العائدين إلى إسرائيل. فبعد أن تركوا لمصيرهم وتعرضوا للخيانة، يبدو أنهم تنازلوا عنهم. وعليه فلأجل ماذا كان كل شيء؟ فالحرب تخاض كي يأتي الأمل في نهايتها: تسوية سلام، هدنة، هدوء. وليس لأجل تعظيم الإحساس بأن كل شيء كان عبثاً.
بعد المذبحة كان هناك عطف لحظي على إسرائيل أمام الفظائع التي انكشفت. وسرعان ما استبدل بغضب عالمي ترجم إلى مظاهر لاسامية في أعقاب عمليات الجيش الإسرائيلي في غزة. وحتى البيت الأبيض بات يضغط على ساعة التوقف. بسبب "أمور إجرائية" لم تخرج بعد إرساليات ذخيرة. للأميركيين يوجد لذلك الكثير من التفسيرات، وكلها تبدو كـ"الشيك في البريد"، أو أنهم لا يجدون حارس الكتيبة حامل المفاتيح. لقد أوضح بايدن لنتنياهو هاتفياً أن العالم فقد عطفه وصبره. الميل العالمي، أساساً لدى الشبان والليبراليين، هو لتحطيم العالم القديم، لركل الاستعمار، الرأسمالية، الإمبريالية. الأقليات والمقموعون خلقوا حلفاً مكتوباً: فهم يرون فينا أمة بيضاء تضرب أقلية عديمة الحقوق تقاتل في سبيل تطلعاتها، أرضها وكرامتها.
لقد صفى نتنياهو دفعة واحدة إمكانية تغيير ميزان القوى حين دفع ترامب للخروج من الاتفاق النووي مع إيران، رغم أنها أوفت بكل التزاماتها. لقد كسر رئيس الولايات المتحدة السابق الأواني وبالتالي كسرتها إيران أيضاً ومنذئذ سرعت السباق نحو النووي. بايدن، الذي كان شريكاً في الاتفاق، يبذل كل جهد كي لا يسمح لنتنياهو بمنع اتفاق آخر، هذه المرة مع الفلسطينيين. يعرف الرئيس، مثل كل العالم، أن للدائرة الدموية بين إسرائيل والفلسطينيين لا يوجد حسم عسكري بل فقط حل سياسي. يحاول بايدن أن يدفع به قدماً بكل قوته، قبل أن يرفع يديه ويتفرغ لشؤون انتخابه.
في الأسبوع القادم سيصل وزير الخارجية بلينكن إلى إسرائيل للمرة الخامسة منذ نشوب الحرب. وهو سيطالبها بتفسيرات إلى أين وجهتها وكيف تنخرط هذه في تسوية سياسية، تجند الولايات المتحدة لها السعودية ودولاً أخرى.
متظاهرون في أرجاء العالم من أجل الفلسطينيين ينشدون استفزازاً "من النهر حتى البحر". نقيض النشيد البيتاري الذي صاغ كلماته جابوتنسكي: ضفتان للأردن، هذه لنا وتلك أيضاً. للفلسطينيين لن تكون دولة من النهر إلى البحر. ولن تكون لنا أيضاً. بدلاً من الحلم بالخروج من رقصات "شعب إسرائيل حي"، من شمال وجنوب وادي غزة، مثلما يتطلع أولئك الذين استسلم لهم نتنياهو كي يبقى يجب الإنصات لمحاولات العالم توجيه الخطى نحو دولة فلسطينية، إلى جانب إسرائيل. البديل هو حرب وحشية أخرى – وليس السلام.

نقلاً عن يديعوت أحرونوت

كلمات مفتاحية::
Loading...