بقلم: رفيت هيخت
ذات يوم – ليس قبل فترة بعيدة، عندما كان هذا المكان أقل تشوشا وخرابا – وكان السياسيون ينسبون لأنفسهم الفضل على أعمال عسكرية واغتيال أهداف نوعية أو هجوم جدي، فقط بأثر رجعي. أحيانا كان هذا بعد فترة أطول لأن ما كان يملي عليهم هو المصالح المختلفة لدولة إسرائيل. الآن نحن نعيش أسلوبا محدثا يعكس التفكك الكبير: أحاديث لا تتوقف قبل التصفية، قبل تنفيذها. رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو ووزير الدفاع يوآف غالانت لا يتوقفان عن الثرثرة حول المس بيحيى السنوار، وفي الفترة الأخيرة تترافق هذه التهديدات مع التبجح حول التقدم في ملاحقته وتعزيز حبل المشنقة حول عنقه.
في منتصف مفاوضات معقدة وحساسة لا مثيل لها، وحيث حياة المخطوفين مهددة، عاد نتنياهو ليهدد السنوار بتصفيته، في حين أن غالانت يدير معه حوارا أحادي الجانب يؤكد فيه بالتفصيل على الوضع البائس والمتدني لرئيس "حماس". "السنوار لا يدير المعركة"، تفاخر وزير الدفاع. "هو ينشغل ببقائه الشخصي. لقد تحول من رئيس (حماس) إلى مخرب هارب".
"حماس" تساهم كالعادة بشكل أساسي وحاسم في هذا الجمود الذي توجد فيه الآن صفقة تحرير المخطوفين. في البداية، قام السنوار بتأخير الرد على الخطوط العريضة للإطار الذي وافقت عليه إسرائيل في السابق، ما منع الأطراف من النزول إلى تفاصيل الخلاف، وبعد ذلك بلورة الصفقة. الآن قدم ردا يصعّب جدا على استمرار المفاوضات، ولكن أيضا الطرف الإسرائيلي غير بريء من المشاكل.
ربما أنه حسب أقوال غالانت فإن السنوار غارق حتى عنقه في محاولة الهرب، وربما أيضا أن الجيش الإسرائيلي قريب منه اكثر من أي وقت مضى. وحتى الآن، حتى لو كان هذا هو الوضع على الأرض، من غير الواضح ما هو الهدف أو الجدوى من هذه الأقوال. يصعب الهرب من الانطباع بأن الإيصالات المفقودة التي يجب عرضها يتم استبدالها بأحاديث تصف العملية المأمولة. هذه الأحاديث تصف سيناريوهات مستقبلية مختلفة. جهات كثيرة في اليمين تعتقد أن السنوار قريب جدا من الاعتقال وأنه سيطلق سراح المخطوفين من اجل النجاة بنفسه.
احد الاحتمالات المرجحة هو أن هذه الأقوال هدفت إلى دفع السنوار إلى النتيجة المرغوبة المذكورة أعلاه، لكن أداة ضغط ناجعة على مثل هذه الشخصية ليست مكتبا حكوميا يمكن تسويقه في قناة المشتريات. إن طبخ صفقة توازن بين المصالح المختلفة، وفي المقام الأول توقف الجريمة المدنية المتمثلة بإبقاء المخطوفين في أسر "حماس" والتعذيب الصادم لعائلاتهم، يحتاج إلى إبداع وذكاء أكثر من إرسال التحية مع أغنية للسنوار على أمواج الأثير.
احتمال آخر يتم التحدث عنه هو أن هذه الأقوال تستهدف أيضا رفع المعنويات الوطنية أو إرضاء القاعدة، التي جزء منها غير راضٍ عن النتائج الجزئية للحرب. ولكن خلافا لقصص البطولة والتهديدات المخيفة لغالانت ونتنياهو فإن الضرر الذي أصاب المخطوفين الذين يموتون في الأسر وأبناء عائلاتهم، هو ضرر ملموس وحقيقي.
أكثر من إحراج آخر
لقد قدم الوزير دودي امسالم وعضو الكنيست تالي غوتلب في هذا الأسبوع بسخاء نموذجا ملموسا وقويا وممتعا بشكل خاص، حسب معاييرهما الخاصة، عن مستوى الانفصال في الحزب الحاكم.
هنا المجال ضيق عن إحصاء كل الخلافات الأيديولوجية بين هذين المفكرين. المواجهة بينهما التي بدأت في جلسة القائمة واستمرت في جلسة الكنيست، ظهرت مثل شجار بين شخصين قفزا من سلة قمامة مسودات حانوخ لفين، هناك تم رميهما لأسباب كثيرة. ولكن مقابل مناقشة مشروب امسالم – فودكا أو عرق أو نسكافيه أو اسبريسو، الذي ارفقه بدعوة من الوزير لعضو الكنيست كي تشتم رائحة فمه – نحن نقوم بدفع أموال الضرائب.
"يوجد لدينا عدد غير قليل من الأغبياء"، قال وزير ليكودي عن عرض نجوم القائمة. "كل هؤلاء سيكون لديهم مشكلة كبيرة في الجولة القادمة. فهم لن يتم انتخابهم مرة أخرى. الليكوديون سئموا من هذا الإحراج. هذا محرج".
الحقيقة هي أن ضرر أشخاص مثل امسالم وغوتلب يتجاوز كثيرا كونه "إحراجا". في هذه الأثناء حيث البلاد تعرف الكثير من الألم، والآباء يخشون على أولادهم وبناتهم في أسر "حماس"، ويقلقون على الجنود الذين يعرضون حياتهم للخطر في الأنفاق، وهناك أشخاص مهجرون في بلادهم، والمصالح التجارية تنهار في ظل عدم اليقين، فإن امسالم وغوتلب هما بصقة كبيرة على الوجه. هذا ليس مجرد "إسفاف"، بل هذا يشكل خيانة لثقة الجمهور بالسلطات وتشويش العقد بينها وبين المواطنين، الذي أساسه تمثيل سليم لهم مقابل السلطة والمكرمات.
نتنياهو، المسؤول عن هذه الظواهر، يجلس جانبا ويطلق لهم العنان. هكذا كان أمام بن غفير الذي اهتمامه المحموم هدد بالمس بالعلاقات مع الولايات المتحدة التي تقوم بتسليح وتمويل إسرائيل، وهكذا أيضا أمام هذين الشخصين. ربما هو يستمتع بذلك، وربما هذا يجعله يبدو في نظر نفسه أو نظر جمهوره كشخص مسؤول ومتزن. على أي حال، هو المسؤول عن الدمار، وهو يحاول إقناعنا بأنه هو الذي سيقضي على "حماس".
عن هآرتس