كُتّاب مسار

انحطاط القيم في إسرائيل

 

كتبت في مقال نُشر في وقت سابق عن انحطاط القيم وتَوحش المؤسسة ألأمنية في إسرائيل وذلك قبل ما يقارب ثلاث سنوات.

كنتُ أعتقد حينها ان هذا الانحطاط هو نِتاج ممارسة الاحتلال لاحتلاله، حيث ان أجهزة الأمن والجيش على تماسٍ مباشر مع الفلسطينيين- الذين يعانون من آخر احتلال في العالم – مما يجعلهم أي الجنود وأفراد الامن الاسرائيليين عُرضة بشكل مباشر او غير مباشر لأشكال المقاومة سواء كانت سلمية ام عنيفة (فيها عنف بمستويات مختلفة).

يخدم أفراد الجيش واجهزة الأمن في مناطق دولة فلسطين المُحتلة وبشكل أساسي نقاط العبور المصطنعة والحواجز في ظروف قد تبدو جيدة مقارنة بظروف الفلسطينيين تحت الاحتلال، وهنا اعتقد ان المقارنة ليست موضوعية ولا علمية، إذ يجب المقارنة بين ظروف الجندي في قلنديا وظروف أترابه في شواطئ تل ابيب صيفاً او سفوح جبل الشيخ شتاءً. وفي حال حصلت المقارنة فأن الجندي أو عضو جهاز الأمن بالتأكيد سيَضع الجزء الأكبر من لومه على الفلسطينيين، وهذا قد نَفهمه ولكننا لا نَقبله ولا نوافق عليه، وهنا سيمارس عُنفا على من أتى به الى هنا وربما سيصبح العنف جزء من شخصية الجندي والتي ربما تلازمه طوال حياته وبالتالي ستنعكس على المجتمع الاسرائيلي بعد انتهاء خدمته في اراضي الدولة الفلسطينية كَمُحتل.

اما ما لا يمكن فهمه، فهو ان يَطال التطرف اُناس لم يلتقوا ولو لمرة واحدة باي فلسطيني، ومنهم المواطن العادي والوزير ومنهم المشرع، حيث العدد الهائل من مشاريع القوانين في الكنيست خاصة تلك التي لها علاقة بالفلسطينيين سواء في الأراضي المحتلة أو الفلسطينيين في إسرائيل لهو دليل قاطع على ان كرة التَغَول والانحطاط والتطرف تتدحرج بشكل سريع وربما تجرف في طريقها كل ما يلاقيها دون أن تميز بين معتدل أو متطرف، وقد يكون من الصعب ايقافها.

حتماً ستشكل الكرة المتدحرجة في هذه الحالة سببا مهما ورئيسيا في جَر المنطقة برمتها الى المجهول، خاصة وأن الإسرائيليين يعرفون أكثر من غيرهم أن الفلسطينيين لن يُلدغوا مرة اخرى من جُحرِ التهجير، وسيصمدون في أرضهم مهما بلغت درجة الظلم والقهر، وهذا بالتأكيد لن يكون في مصلحة الإسرائيليين.

إن تصويت الليكود على ضَم الضفة - وبالأخص مناطق (سي غير المأهولة) والمستوطنات، وفي ذات الوقت التصويت على التخلص من المناطق المقدسية المكتظة بالسكان الفلسطينيين- لدليل آخر بين ادلة كثيرة على هذا الانحطاط والإفلاس.

ومن أجل ألا اُطيل لا بد من الاشارة الى ما تفتقت عنه عبقرية الاحتلال حيث تم تشكيل لجنة فرعية تتبع لجنة الأمن والخارجية في الكنيست مُهمتها البحث إن كانت عائلة عهد التميمي عائلة حقيقية أم اختراع، وهنا لا بد من الاشارة الى أن هكذا لجنة ستكون مضطرة لدراسة كل عائلات الشعب الفلسطيني لإن في كل عائلة من عائلات فلسطين عهد التميمي أو فارس عودة أو محمد الدرة الخ.

 ربما فعل الإنجليز نفس الشيء مع عائلة غاندي وعنصريو جنوب افريقيا مع عائلة مانديلا، وايطاليا مع عائلة عمر المختار وفرنسا مع عائلة جميلة بوحيرد واسبانيا مع عائلة يارا او خيرونيمو.

 ذهب كل من الإنجليز وعنصريو جنوب افريقيا والإيطاليين والفرنسيين والإسبان وبقيت الهند وجنوب افريقيا وليبيا والجزائر وكوبا. وسيذهب الاحتلال الاسرائيلي وتبقى فلسطين.

إن الإفلاس الذي وصلت إليه الحكومة الإسرائيلية هو نتاج نضال الشعب الفلسطيني وعلى كل المستويات خاصة على الساحة الدولية والوعي الذي وصل اليه المجتمع الدولي، إضافة الى تماسك الجبهة الداخلية الفلسطينية رغم الانقسام البغيض..

إن المجتمع الدولي مطالب أكثر من أي وقتٍ مضى بممارسة دوره في احقاق الحقوق الوطنية للشعب الفلسطيني، وبالأساس منها حقه في تقرير مصيره واقامة دولته المستقلة على حدود الرابع من حزيران والقدس الشرقية عاصمة لها.

وربما على المجتمع الدولي أن ينقذ الإسرائيليين من حكومتهم.

كلمات مفتاحية::
Loading...