في إنتظار"نصره المطلق" هل سيطيل نتنياهو أمد مفاوضات صفقة التبادل؟

 

خطة حماس بشأن ملف تبادل الأسرى مع إسرائيل، وإعلان الهدنة في قطاع غزة تتضمن 3 مراحل، أولها لمدة 45 يوما تنهي خلالها اسرائيل عملياتها العسكرية، وتجري فيها إعادة بناء المستشفيات التي دمرتها آلة حربها، وخروج قواتها البرية من المناطق السكنية ودخول المساعدات إلى القطاع المنكوب، ويتم خلال هذه المرحلة الإفراج عن النساء والأطفال والمسنين والمرضى الإسرئيليين من غير العسكريين. وفي المرحلتين الثانية والثالثة اللتين تمتد كل منهما لـ 45 يوما، تعرض حماس خلالهما إطلاق سراح جميع الأسرى الإسرائيليين مقابل معتقلين فلسطينيين، وانسحاب كامل للقوات الإسرائيلية من القطاع.

وكان نتنياهو قد وافق في وقت سابق، على وقف لإطلاق النار خلال مراحل تنفيذ صفة تبادل الأسرى، خلال محادثة هاتفية أجراها مع رئيس الموساد دافيد برنيع، أثناء إجتماع الأخيرمع مدير المخابرات الأمريكية، ورئيس المخابرات المصرية، ورئيس وزراء قطر في باريس، وذلك وفقا لما أفادت به الإذاعة الإسرائيلية العامة (كان).

إلا أنه في معرض رده على خطة حماس سيبقي الباب موارباً أمامها، بهدف إطالة أمد المفاوضات بشأنها ما أمكنه لتحقيق ما وصفه " بالنصر المطلق"، أو ما يسميه محللون "بصورة للنصر". إن نتنياهو يدرك تماماً أنه لو تم التوصل إلى اتفاق لتبادل الأسرى مع حماس، الذي بالتأكيد سيشمل إطلاق سراح مئات أو آلاف المعتقلين الفلسطينيين، رافعين شارات النصر أثناء نزولهم من الحافلات، فإن إئتلافه اليميني سيتهاوى.

ولنتنياهو دوافع أيديولوجية أخرى لإطالته أمد المفاوضات حول صفقة تبادل الأسرى إلى الحد الأقصى، وهي لإيقاع جيشه المزيد من القتل في صفوف المدنيين، وإحداث المزيد من الدمار في المنشآت والمنازل في قطاع غزة، لكَيْ وعي الشعب الفلسطيني أينما وجد، بأن ثمن المس بإسرائيل كما حدث في هجوم حماس في 7 أكتوبر باهظٌ جداَ، بالإضافة لمحاولته إستعادة قدرة الردع التي فقدتها إسرائيل في ذلك الهجوم!!               

نتنياهو وفي معرض تعقيبه على خطة حماس، جدد وعيده بمواصلة الحرب حتى القضاء عليها، وقال إن التعليمات صدرت للجيش بالبدء بعمليات عسكرية في رفح ومخيماتها، التي وصفها بأنها "آخر معاقل حماس". وعيده هذا بشن الهجوم على رفح، التي بالإضافة لسكانها قبل الحرب، يتواجد فيها اليوم أكثرمن مليون و500 ألف فلسطيني، دفعتهم آلة الحرب الإسرائيلية للنزوح من شمال القطاع ووسطه إليها، ويتزامن تصريحه هذا مع المفاوضات التي تجريها قطر ومصر والولايات المتحدة بشأن خطة حماس الأخيرة.  

 إن إمتداد رقعة الحرب الإسرائيلية لتشمل منطقة رفح، كانت ولا تزال حاضرة على أجندة جيش الإحتلال، لإعتقاده بأن تحقيق ما يسميه بـ "الإنتصار" لن يتم دون السيطرة على المدينة بما يوجد بها من أنفاق، ولمنع أي عمليات تهريب أسلحة ومقاتلين منها، بإتجاه وسط وشمال القطاع، بالإضافة لمنع إحتمال تهريب المحتجزين الإسرائيليين خارج القطاع.

الا أن شن الهجوم على رفح تواجهه عدة عقبات، في مقدمتها الجهود الدبلوماسية الجارية للتوصل إلى إتفاق لتبادل الأسرى، بعد أن أصبحت كرة صفقة التبادل في ملعب إسرائيل. كما أن الطلب الأمريكي من إسرائيل بعدم شن هجوم على رفح، بنفس النمط الذي جرت به هجماتها على مدن وبلدات ومخيمات وسط وشمال القطاع، ما يفرض عليها إذا إستجابت لهذا الطلب، أن تسمح بعودة النازحين إلى مناطقهم في شمال ووسط القطاع، وزيادة المساعدات الإغاثية. وفي حالة فشل الجهود للتوصل إلى إتفاق تبادل للأسرى، وتحميل حماس مسؤولية هذا الفشل، فإن الولايات المتحدة قد لا تبدي معارضة لهجوم إسرائيلي على رفح.

معضلة أخرى تواجه إمتداد العمليات العسكرية الإسرائيلية إلى رفح، وهي معارضة مصر لشن الجيش الإسرائيلي عمليات عسكرية فيها، التي من شأنها لو حدثت أن تؤدي إلى تدفق النازحين الفلسطينيين إلى أراضيها، وهذا ما تخشاه القاهرة. كما أن هجوماً إسرائيلياً كهذا يعد خرقاً لإتفاق كامب ديفيد، الذي ينص على أن الوجود العسكري لمصر وإسرائيل يجب أن يكون على بعد كيلومتر واحد من الحدود بينهما.

 وكانت القاهرة قد نفت ما أفادت به وسائل إعلام إسرائيلية، بأن مصر وإسرائيل تقتربان من التوصل إلى إتفاق بشأن رفح  ومحور صلاح الدين "فيلادلفيا"، الذي يصل طوله إلى نحو 14 كيلومتراً، تلتزم إسرائيل بموجبه بالإمتناع عن شن هجوم على رفح، قبل إجلاء أكثر من مليون نازح فلسطيني لجؤوا إليها، إلى شمال ووسط القطاع التي هجروا منها، بالإضافة إلى اضطلاع إسرائيل بدورعلى طول محور صلاح الدين (فيلاديلفيا) دون وجود ظاهر لقواتها، وكذلك دون تواجد للسلطة الفلسطينية على معبررفح.    

إن عدم نص قرارات محكمة العدل الدولية في لاهاي في 27 يناير/ كانون ثاني، على قرار يجبر إسرائيل على عدم تهجيرالمدنيين من قطاع غزة، أو إعادتهم إلى المناطق التي هجروا منها، قد يكون دافعاً لها لشن الهجوم على رفح، لكن هذا قد يؤدي لقطع شعرة معاوية مع مصر، ويؤدي أيضاً إلى ازدياد الضغوط الدولية عليها، ويترافق ذلك مع ما تواجهه من ضغوط داخلية، بسبب فشلها في تحقيق الأهداف التي حددتها لحربها على غزة وخاصة إطلاق سراح الأسرى الإسرائيليين من أسر حماس.

Loading...