الوقائع المثبتة. قالت إن الثنائي شارون ونتنياهو جاءا إلى الحكم لتدمير أي فرصة للسلام مع الفلسطينيين وكانت منها، فرصة أوسلو التي أسسها العالم مع حزب العمل، بقيادة رابين – بيريز، ومع الفلسطينيين بقيادة عرفات - عباس.
أوسلو أنجبت من خلال انهيارها ما نحن فيه الآن، وإذا كان القدر أخذ شارون الذي انسحب من غزة وبعض شمال الضفة فقد بقي نتنياهو حارساً على مقبرة أوسلو، عاملاً على توسيعها لتحدد شكلاً ومضموناً مختلفاً للسلام مع الفلسطينيين والعرب، مع الفلسطينيين لا دولة ولا حتى ما يشبهها. ومع العرب تطبيع وفق الشروط الإسرائيلية، ورهانه أن يقبل الفلسطينيون الفتات الذي يلقيه لهم بعد أن يكون التهم المائدة العربية كلها.
حسابات نتنياهو لا تتعثر فقط، بل تنقلب إلى عكسها، فبدل أن يحظى بتصفية القضية الفلسطينية بأقل التكاليف، ها هو ودولته وسياساته يدفعون ثمناً باهظاً على أرض غزة، وداخل إسرائيل، وعلى صعيد علاقاتهم مع الحلفاء الغربيين الذين مهما مالؤوا إسرائيل وتعاطفوا معها إلا أنهم لم يعودوا قادرين على ابتلاع حجم القتل والدمار الذي وضع الدولة العبرية في قفص الإتهام أمام محكمة العدل الدولية.
ولننظر إلى العلاقات الإسرائيلية مع الدول العربية التي بادرت قديماً وحديثاً لإقامة علاقات ديبلوماسية معها.
مصر أولاً اضطرت بعد عقود من السلام المستقر، إلى أن تقف على سلاحها وترسل الدبابات إلى رفح، إن لم يكن مؤشراً على حرب فهو بالتأكيد ليس مؤشراً على رسوخ السلام.
والأردن ثانياً لم يُبقى من العلاقات التي استقرت إلا الشكوك والمخاوف واحتمالات الاعتداء الخطر بالتهجير، وهذا إن لم ينذر بحرب فبالتأكيد لا يبشر باستمرار ما كان من سلام.
ولننظر إلى القطب السعودي، الذي حدد قبل أيام قليلة مضت شروطه لإقامة علاقات ديبلوماسية مع إسرائيل توقف الحرب على غزة، ثم الذهاب فعلاً إلى إقامة دولة فلسطينية مستقلة.
أين نتنياهو من كل هذا، سننحي الخلاف الأمريكي والغربي معه، فهو خلاف داخل البيت الواحد، وقد يجد تسوية، أمّا ما يجري على أرض الواقع، وإصرار نتنياهو على التمسك بسياسته تجاه فلسطين والمنطقة، وحتى تجاه إسرائيل، فعنوانها الواضح والصريح والمباشر يقول.. أيها العرب بعد كل الذي حدث فهذه سياستي تجاهكم.. أو كأنه يقول احذروا السلام معي.