الحق في الطبابة أساسي ومقدس كفلته كل الشرائع والقوانين، أمّا الاضراب فهو أيضاً حق مشروع كفلته القوانين وإن كان هناك قصور في بعض الجوانب القانونية فإن التشريعات الفلسطينية أعطت الموظفين سواء في القطاع العام أو الخاص حق الاضراب ووضعت له ضوابط، صحيح أن هذه الضوابط غير كافية إلا أن الأخذ بروحها يكفي مؤقتاً، مع الإصرار على أن يتم الضغط على المشرّعين لوضع اللوائح الناظمة للإضراب، وإلى ذلك الحين لابد من وجود قيود ناظمة تضمن عدم تعسف أي من الطرفين (الموظف والمشغل) ضد الطرف الآخر وبالتالي ضد المجتمع برمته.
وإلى ان يتم إنجاز ذلك علينا الاحتكام للقانون الموجود كما هو وارد في المادة 67 والتي تحظر الاضراب على موظفي القطاع الصحي باستثناء الاداريين بين فئات أخرى عديدة.
انطلاقاً من كل ما سلف أرى أننا جميعا ملزمين بالعمل بروح القانون خاصة المواد السالف ذكرها واعتماد المنطق من أجل ممارسة الموظف العمومي لحقه في الاضراب بما لا يضر بالمصالح الوطنية العليا.
(بحيث يكون الاضراب ضد المشغل وليس ضد متلقي الخدمة من المواطنين).
إنني أقف بشكل مطلق في خندق الدفاع عن حق الموظفين في ممارسة حقهم في الاضراب لتحصيل حقوقهم المتوجبة على الحكومة، وفي نفس الوقت أقول وبصوت عالي أنه لا يجوز اتخاذ أي إجراء يصادر حقوق الغير من أجل أن أحصل على حقوقي. حيث لا يجوز حرمان شريحة عريضة من المجتمع من حقها في الطبابة.
كما أن أخذ المجتمع رهينة من أجل تحقيق مطالب هي أصلا شرعية وغير قابلة للنقاش مرفوض.
اعتقد أن على القائمين على الاضراب تحكيم العقل والمنطق وأن يبحثوا عن وسائل ضغط أخرى على الحكومة لتحقيق مطالبهم غير تعطيل الطبابة ومهن أخرى كما أن عليهم أن يراعوا الظروف التي يمر بها الوطن دون التنازل عن حقوقهم قيد أنملة.
إن الأطباء هم أكثر العارفين بإجراءات الاحتلال وممارساته التي ضاعفت عدد الإصابات بين أبناء شعبنا في الضفة الغربية من خلال اقتحامات المدن والمخيمات وبشكل يومي كما أنهم يعرفون حجم مأساة العدوان على غزة مضافاً إلى كل ذلك هم يعرفون أن قرصنة أموال الشعب الفلسطيني التي تمارسها الحكومة الإسرائيلية أساسها التزام السلطة برواتب الشهداء والأسرى والجرحى فهل يعقل أن نقابة الأطباء لا تدرك دقة وخطورة الظرف الذي نمر به جميعا، نقابات مواطنين وحكومة على حد سواء؟
إن نقابة الأطباء ملزمة بتطبيق القانون وعليها ابتكار طرق خلاقة لا تؤثر على صحة المواطن وفي الوقت نفسه تكفل حقوق الأطباء.
من خلال هذه المحاولة استصرخ ضمائر المضربين في القطاع الصحي بأن يعالجوا أبنائهم وأبناء شعبهم أثناء الاضراب بهمة أعلى من أيام انتظام العمل، سطروا ملحمة وطنية عبر زيادة انتاجكم الإنساني حيث الكثيرين منكم عملوا أثناء الانتفاضة الأولى في مغائر جبال فلسطين في ظروف صعبة ومعقدة وبلا أجور. كونوا أنتم ابطال المرحلة الحالية كما كنتم حينذاك دون أي تفريط في حقوقكم.
أخيراً وفي الختام فإن حقوق الاطباء مقدسة وغير قابلة للنقاش لكن صحة المواطن وأمن واستقرار البلد أكثر قدسية.