مقالات مختارة

غموض «النصر المُطلق»: إنجازات الجيش في الميدان ستتبخر

 

بقلم: ناحوم برنياع

يعتزم الجيش الإسرائيلي الشروع في تحقيقات عن الحرب وعما سبقها فور استقرار الوضع في غرب خان يونس. وهذه تحقيقات داخلية في إطار سلسلة القيادة. في النهاية سيتعين على رئيس الأركان ان يعين فريقاً خارجياً من ألوية متقاعدين لمراجعة النتائج. هذا هو السبيل الذي يفحص فيه الجيش لماذا فشل، من فشل وكيف يكون الإصلاح؟ فالنقد الذي وجهه وزراء الحكومة لرئيس الأركان عندما تسرب النبأ لوسائل الاعلام شهد عن الفزع الذي تلبثهم في كل مرة طرحت فيه على البحث مصيبة 7 أكتوبر. هم خائفون.
تهجم بن غفير على رئيس الأركان في جلسة الحكومة أمس، كان سائباً حتى اكثر من ذلك. فقد غضب بن غفير من أن رئيس الأركان طلب من الشرطة ان تهتم بأن تدخل المساعدات الإنسانية الى غزة كالمعتاد. المساعدات الإنسانية ليست هواية للجيش الإسرائيلي. من قررها هو الكابينت الذي بن غفير هو عضو فيه.
لا مفر من قول الحقيقة حتى لو كانت أليمة: المساعدات الإنسانية ليست فقط خط الحياة للغزيين؛ هي أيضا الأداة التي تسمح للجيش الإسرائيلي بمواصلة القتال. لواء موسع من حماس، اللواء المؤهل الأخير، يعمل في رفح وفي محيطها. يحتمل أن يكون قسم كبير أيضا من سلسلة القيادة يوجد هناك. الامكانية الوحيدة للعمل في رفح ما عمله الجيش في غزة وفي خان يونس هي ان ينقل بطريقة مرتبة ومحمية 1.3 مليون نازح طردوا الى هناك شمالا ويصل الى تفاهمات مع مصر ومع الأميركيين. في الجيش مقتنعون بأنه يجب توسيع وتحسين المساعدات والا فان رفح ستشطب عن جدول الاعمال. فماذا يفعل نتنياهو؟ يعلن بأنه "يوجه" الجيش للاستعداد للدخول الى رفح وبالتوازي يسمح لبن غفير وزملائه في الحكومة عرقلة الدخول الى رفح.
هذا ما يحصل عندما يقود الحكومة كهانيون بينما من يحمل لقب رئيس وزراء يبحث عن حجة غيبة. عندما يُسأل مسؤولون كبار في الجيش ما المقصود بامر "النصر المطلق" الذي يكثر نتنياهو من استخدامه في خطاباته يهزون اكتافهم. فلا يوجد نصر مطلق في حرب ضد منظمة إرهاب. النصر لن يكون الا عندما يملأ فعل سياسي الفراغ الذي خلقه الجيش في سيطرته على غزة. في ظل عدم وجود فعل سياسي فان كل إنجازات الجيش في الميدان ستتبخر.
يتعذب وزراء الكابينت الضيق في الأيام الأخيرة في مسألة كيف الرد على مقترح إطار الصفقة الذي وضعته حماس على الطاولة. بالفعل، النقاش معذب. فالمطالب الأولية قاسية حتى متعذرة، واساسا في المرحلة الثانية والثالثة. في هذه الاثناء لم تتوفر رافعة تجبر الجانب الحماسي على تخفيف الحدة. لكن ليس اقل أهمية هو النقاش الذي لا يجرى – النقاش في مسألة ماذا سيكون اذا لم تكن صفقة. ماذا سيكون الواقع في غزة وفي الغلاف؛ ماذا سيكون الواقع في الحدود الشمالية. مشكوك أن يكون للجيش خطة.
بعض من الوزراء يقولون، لا مشكلة، الجيش سيواصل البقاء في غزة كجيش احتلال لسنة أخرى. وان شئنا اقمنا من جديد المستوطنات. وكعلاوة سنحتل أيضا جنوب لبنان ونقيم هناك من جديد الحزام الأمني. جنود الاحتياط سيتذمرون قليلا لكنهم سيتكيفون؛ الاقتصاد سيتدبر امره بمعونة الرب والاميركيين سينشغلون في شؤون أخرى. هذا سيكون نصرنا المطلق.
الفجوة بين المستوى المتصدر في الحكومة والمستوى المتصدر في الجيش واسعة كالهوة. في الحكومة يعولون على محافل ستجلب الى هنا عمالاً هنوداً بدلاً من فلسطينيين؛ في الجيش قلقون من بوادر الخراب الاقتصادي في الضفة. بعد شهر يبدأ رمضان، ولا يوجد مال ولا يوجد عمل. اما السلاح بالذات فموجود: الضائقة ستترجم الى إرهاب. صحيح أن بعد 7 أكتوبر الجمهور الإسرائيلي يجد صعوبة، وعن حق، في أن يرى عمال بناء فلسطينيين في احيائهم السكنية، لكن أحياناً يجب الحسم. السيناريوهات المتطرفة في جهاز الامن قاسية. فهي تتحدث عنه أنه إضافة الى حماس والجهاد فان التنظيم (فتح) وأجهزة الامن ستوجه فوهات بنادقها ضد إسرائيل. هكذا كان عشية حملة السور الواقي. الأمر الأخير الذي تحتاجه إسرائيل الآن هو انتفاضة في الضفة، معركة من شأنها ان تتسلل الى شرقي القدس والى المدن المختلطة.
"ما العلاقة بين الحكومة والحرب"؟ سأل الأسبوع الماضي الوزير غولدكنوف. في التفكير الاولي، الرجل لا يفهم اين يعيش وممن يتلقى الراتب. في التفكير الثاني، هو عبقري: هو يفهم الحكومة التي هو عضو فيها أكثر منا جميعاً.

 

عن يديعوت أحرونوت

Loading...