تصريحاتٌ وتسريباتٌ وترويجاتٌ رسمت صورة إيجابية للموقف الأمريكي من قضية الساعة "اجتياح رفح"، وفي حالات كثيرة بدا كما لو أنه شجارٌ حاد استخدمت فيه ألفاظ بذيئة نُسبت للرئيس بايدن الذي ضاق ذرعاً كما تقول التسريبات من تجاهل نتنياهو لنصائحه، خصوصاً فيما يتصل بالهدن والتبادل، وخفض منسوب قتل المدنيين، ورفع منسوب المساعدات الإنسانية.
حتى الآن لم يقل الأمريكيون جملةً واحدةً تعبر صراحة عن رفضهم لاجتياح رفح، وأقصى ما قالوه في هذا الأمر، أن على إسرائيل إذا ما قررت الاجتياح أن تكون حضّرت جيداً للتقليل من خسائر المدنيين، والمقصود هنا الإسراع في ترتيبات تهجيرهم إلى خارج منطقة رفح، أي إلى أرض خلاء يمكن أن تقام فيها ما تسمى بمدنِ خيام والمقترح هنا هو منطقة "المواصي".
كذلك تحرص الإدارة الأمريكية على أن لا تقوم إسرائيل بعمل عسكري أو تهجير تجاه الأراضي المصرية، وإذا ما رغبنا في التبسيط، فأمريكا تختلف عن نتنياهو في الكيفية وليس في الأساس، أي أنها تريد اجتياحاً يحقق الهدف المتفق عليه ولكن بالتقسيط، بينما نتنياهو وفريقه يريدون اجتياحاً حسب ما تقرره الخطط العسكرية، دون الالتفات إلى ما سيحل برفح من دمار وقتل أي مثلما حدث في كل مدينة ومخيم تم اجتياحه على مدى شهور الحرب الأربعة.
نتنياهو لا يهتم بالتوصيات الأمريكية ذات الطابع الإنساني ويجامل المنطق الإعلامي الأمريكي بعبارات غير ذات قيمة في مجال العمل الحربي، الذي ما يزال خياره الأول والأخير، كتلبية لطلب بايدن بالمشاركة في محادثات القاهرة، لقد وافق على المشاركة بعد أن وضع ضمانات مسبقة كي لا تنجح.
نتنياهو يلعب على الوقت، ويتكئ على جدارٍ أمريكي قوامه الفيتو في مجلس الأمن، إذا ما طرحت القضية هناك، وعدم الطلب الأمريكي الصريح بوقف الحرب، والسخاء في تقديم الدعم المالي والتسليحي، وحين يضمن نتنياهو كل ذلك فلا مغزى للإختلاف مع بايدن ولا قيمة للتسريبات التي تقول عكس ذلك.