الوسطاء يمسكون بطرف شعرة معاوية كي لا تنقطع..
هذا هو حال ما جرى وما سيجري في القاهرة.
نتنياهو.. الذي أرسل وفده بعد ضغط مباشر من الرئيس بايدن، معززاً بإرسال السيد بيل بيرنز إلى القاهرة في إشارة إلى الجدية. نتنياهو أرسل وفده دون تعليمات بممارسة أي قدر من المرونة، أي دون رغبة في نجاح جهود القاهرة، وفي هذه الحالة من أين يأتي التفاؤل، وما مسوغ توقع اختراق، فالرجل صاحب مصطلح النصر المطلق، يريد أن يحقق النصر على الأرض أولاً، وما يمكن أن يحدث في القاهرة فهو مجرد صدى لما يحقق على الأرض، وما دام النصر على الأرض متعذراً، فما يريده من محادثات القاهرة هو فقط ما يسهل عليه المهمة العسكرية وليس ما يعيقها.
قد يتعرض نتنياهو لضغط إضافي من الرئيس بايدن، وقد يرسل وفداً إلى القاهرة مكبلاً بالقيود، إلا أن خطته ستبقى كما هي، وعنوانها انهاء العمل في خان يونس، وبدء العمل في رفح.
حماس.. الطرف الحربي المقابل، قدمت عرضاً يتضمن نقاطاً ذات طابع استراتيجي، وقد تشجعت حين وصف عرضها بالإيجابي، فهل تستطيع التخلي عنه لمجرد أن نتنياهو يعترض عليه، أو أن يكون التخلي ولو جزئياً لقاء مشاركة نتنياهو في المحادثات.
الوسطاء الأكثر اخلاصاً في مجال بلوغ الهدنة والتبادل، ولو بالحدود الدنيا لن يفضّوا المجلس، ولن يعلنوا فشلاً.. ولن يقطعوا شعرة معاوية التي ما يزالان يمسكان بطرفها، وهم الآن يفتشون عن ثغرات للنفاذ منها إلى صيغة تديم المحادثات لعلها تنتج فرصاً محدودة للتقدم نحو هدنة وتبادل "مصغر".
الأجندات متباعدة، والفرص ضيقة بالفعل، وضغوط الوسطاء لا تلقى آذاناً صاغية لدى الطرفين الحربيين الرئيسيين، وفي هذه الحالة فإن مجرد بقاء المحاولة هو هدف يستحق التمسك به، مع يقينهم أمريكيين ومصريين وقطريين بأن عامل الوقت لا يعمل لصالح مسعاهم والعلة أساساً نتنياهو ومطلبه الصعب الانتصار المطلق ومرحلته القادمة... اجتياح رفح.