مقالات مختارة

"تخفيض التصنيف".. حدث دراماتيكي لا يحتمل الاستخفاف

بقلم: البروفيسور يعقوب فرنكل*

تخفيض التصنيف الائتماني لإسرائيل في 9 شباط 2024 من جانب وكالة التصنيف المهمة «موديس» هو حدث اقتصادي دراماتيكي وعظيم المعنى ينبغي تناوله بجدية عظيمة. كل سكان إسرائيل، من اليمين ومن اليسار سيتضررون من تداعياته: «فتخفيض التصنيف سيرفع الفائدة التي ستضطر دولة إسرائيل ان تدفعها على قروضها وهكذا ترتفع كلفة تمويل الدولة وتثقل من عبء الدين الذي يواصل الارتفاع عقب العجوزات الكبيرة في الميزانية؛ الاقتصاد الإسرائيلي سيعتبر في الأسواق ولدى المستثمرين كمكان أخطر للاستثمارات. وهكذا يتضرر أيضا القطاع التجاري ومعه معدل النمو الاقتصادي؛ غلاء مصادر الائتمان لمنظومة البنوك سيتدحرج الى عملاء البنوك، وهكذا ترتفع أيضا كلفة قروض السكن؛ فضلاً عن ذلك من شأن تخفيض التصنيف ان يتسبب بتخفيض قيمة العملة، ارتفاع الأسعار وتسريع التضخم المالي الذي سيمس بكل الاقتصادات المنزلية. معظم الاقتصاديين ووكالات التصنيف الدولية أطلقوا مؤخراً تحذيرات في الموضوع، ومن الصعب الامتناع عن خيبة امل شديدة ومن إحساس التفويت في أن هذه لم تنفذ بكاملها – وذلك لأن العنوان كان مكتوبا على الحائط».
دولة إسرائيل توجد في صراع متعدد المعارك: عسكرية، اجتماعية، اقتصادية، قانونية، إعلامية وغيرها. هذه المعارك ترتبط فيما بينها بعلاقات متبادلة: فهي تؤثر الواحدة على الأخرى وتتأثر الواحدة بالأخرى. وعليه، دون أن نوهم أنفسنا في أن يكون تخفيض التصنيف حدثاً قصير المدى ينتهي تلقائياً مع نهاية المعركة العسكرية، ليس هكذا هو الحال.
فهذه ليست الحرب فقط. المخاطر والعبء المالي ستتواصل أيضاً في المرحلة التي ما بعد انتهاء الحرب (والتي هي أيضاً صعبة على التعرف). يعكس تخفيض التصنيف تقديراً عاماً وانتقادياً من وكالات التصنيف حول شكل سلوك صانعي السياسة في المجالات المختلفة. من الصعب قطع الأسباب للكارثة العسكرية في 7 أكتوبر 2023 عن أسباب الكارثة الاقتصادية 9 شباط 2024. فكلتاهما عكستا بقدر كبير إخفاقات عامة، وكلتاهما نبعتا من الغرور، الاعتداد وتجاهل توصيات مهنية من الخبراء.
ليس دوماً كان هكذا. حذارِ ان ننسى ان في الماضي واجهت دولة إسرائيل واقتصادها بنجاح حروباً وتحديات أخرى – كأزمة الكورونا – وذلك دون أي تخفيض للتصنيف. وبالتالي: فعلى مدى سنوات طويلة ارتفع التصنيف بشكل دائم.
ان سياسة اقتصادية صحيحة تستوجب نظرة بعيدة المدى وهذه تستوجب وجود افق اقتصادي. من الصعب خلق افق اقتصادي دون وجود افق سياسي – هذا التعلق ينبع من العلاقات المتبادلة القائمة بين المعارك المختلفة. وعليه فلا عجب انه عندما تقرر وكالة التصنيف الائتماني درجة الخطر على الدولة فانها تحسب أيضا التداعيات الاقتصادية للجوانب الأمنية، السياسية، الاجتماعية وحتى الحزبية.
وماذا الآن؟ على صانعي السياسة ان يستخلصوا استنتاجات فورية ويمنعوا تدهوراً إضافياً. لاجل البدء بمسيرة ترميم الصورة والعلامة التجارية لاقتصاد إسرائيل التي تضررت كنتيجة لتخفيض التصنيف، مطلوب عمل دراماتيكي، وذلك قبل نشر تصنيف وكالات أخرى (فيتش وS&P). ميزانية الدولة لعام 2024 اجيزت في الكنيست بالقراءة الأولى، وتوجد في هذه الأيام قيد اجازتها بالقراءة الثانية والثالثة. هذه فرصة لإعادة تعريف سلم الأولويات والتعبير عنه في ميزانية الدولة. محظور مواصلة التصرف وكأن الأمور كالمعتاد. لا يزال هناك وقت للقرار بإغلاق وزارات حكومية زائدة لا تساهم في الأهداف المركزية وتقليص الأموال المخصصة لحل مشاكل ائتلافية ضيقة. «التقليصات العرضية» لا تعكس التفضيل اللازم. إضافة الى ذلك في ضوء الأهمية الكبيرة التي توليها كل وكالات التصنيف لاستقلالية ومناعة جهاز القضاء مرغوب فيه ان تشطب الحكومة والكنيست عن جدول الاعمال مشاريع قوانين التي لا تزال تهدد استقلالية السلطة القضائية ومناعة المؤسسات الديمقراطية. هذه الخطوات تساعد على الايضاح بشكل لا لبس فيه بان الدروس من احداث 7 أكتوبر 2024 و 9 شباط 2024 استوعبت.
حذارِ أن نضيع الأزمة والدعوة لليقظة. هذا هو الوقت للتغيير.


عن يديعوت أحرونوت

*الحائز على جائزة إسرائيل في الاقتصاد، رئيس معهد فرنكل – تسوكرمان في الاقتصاد العالمي
في جامعة تل أبيب ومحافظ بنك إسرائيل في سنوات 1991 – 2000

 

Loading...