لو أحصينا عدد الساعات التي استغرقتها الحوارات التي جرت بين الفصائل الفلسطينية تحت عنوان المصالحة، لاحتجنا إلى حاسوب ضخم ليدلنا على العدد.
ولو راجعنا الرحلات الجوية التي استخدمها المتحاورون في أسفارهم من أجل المصالحة، لوجدناها أكثر مما تنظمه مكاتب السياحة والسفر من أسفار حول العالم.
ولو استعرضنا العواصم التي استضافت المتحاورين وهيأت لهم غرفاً وأجنحة في أفخر الفنادق، لوجدنا أنها عواصم المنطقة وأحياناً يضاف إليها من خارج المنطقة مثل موسكو وجاكرتا.
مدمنو حوار الفصائل يقفون دائما على حقائبهم استعداداً للسفر، وبين كل سفرة وأخرى يقضون الوقت انتظارا لدعوة حوار، وهكذا منذ أول يوم وقع فيه انقلاب حماس، حتى أيامنا هذه.
بزنس المصالحة... الذي يبدو أن كثيراً من العواصم توقفت عنه، إمّا لانشغالها بقضايا أكثر إلحاحا، أو ليأسها من الوصول إلى نتيجة، ما زال هنالك من يبدي رغبة في التعاطي معه، فهو إن كان ميؤوسا منه إلا أنه يصلح ولو على مستوى خبر، يجري تداوله في أسواق الشرق الأوسط المثيرة، خصوصاً في هذه الظروف التي تحتل فيها حروبه المكانة الأبرز في المعالجات السياسية والإعلامية.
الذين يلبون دعوات الحوار في العواصم، لا ناقة لهم ولا جمل فيما يحدث على الأرض، خصوصا في الفعاليات الساخنة التي تجري في الضفة وغزة، وفي المحادثات الحقيقية والمفتعلة حول اليوم التالي على الحرب حين تتوقف، ولكن ما الحيلة وبزنس المصالحة له زبائنه والمستفيدون منه، فعلى الأقل يوفر سياحة ثورية باهظة التكاليف على المتحاورين وقليلة الكلفة على المضيفين!.