الدولة الفلسطينية بين جعجعة الغرب والخطاب الإسرائيلي

 

جنباً إلى جنب مع ارتكاب إسرائيل مجازر مروعة على مدار الساعة في قطاع غزة والضفة الغربية بما فيها القدس، وتكميم الأفواه في الداخل الفلسطيني؛ يجري حديث متواتر حول أهمية إقامة دولة فلسطينية من قبل إدارة بايدن والاتحاد الأوربي، لكن ذلك بقي في إطار الجعجعة الإعلامية؛ رافق ذلك تصريحات إسرائيلية من المستوين السياسي والعسكري ترفض بمجملها إقامة دولة فلسطينية وتدعوا إلى تهجير الفلسطينيين إلى خارج وطنهم.

ويلحظ المتابع ثمة اتفاق كبير بين كل الأطياف السياسية الإسرائيلية على حل تلك القضايا، حيث تؤكد جميع الأحزاب الإسرائيلية بتلاوينها المختلفة على الدوام أن حل قضية اللاجئين يجب أن يتم عبر توطين اللاجئين في الدول المضيفة، وبالتالي عدم القبول بمبدأ حق العودة حسب قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة رقم 194، وترى تلك الأحزاب أن القدس بشقيها الشرقي والغربي يجب أن تبقى العاصمة الموحدة والأبدية لإسرائيل، وتؤكد على شرعية النشاط الاستيطاني في الضفة الغربية والقدس، مع الإصرار على السيطرة الإسرائيلية المطلقة على الحدود حتى الأردن من الشرق، فضلا عن إبقاء السيطرة على المصادر المائية الفلسطينية، وقد تكون الوثيقة الموقعة في العام 1996 بين حزبي العمل والليكود ذات دلالة على الرؤى والتصورات الإسرائيلية المشار إليها إزاء القضايا الجوهرية الفلسطينية، وفي نفس الاتجاه نفسه يتطرق رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو على الدوام إلى أهم القضايا التي برزت مع ظهور القضية الفلسطينية، ويؤكد حتى اللحظة  على ثوابت إسرائيل المعهودة من تلك القضايا، حيث يوجد إجماع إسرائيلي حولها  بين الأحزاب الاسرائيلية بغض النظر عن نعتها، وبالنسبة للقضية الأبرز قضية اللاجئين الفلسطينيين تؤكد تلك الاحزاب بأن تحل في خارج إسرائيل، وبالتالي عدم تحملها  أية مسؤولية سياسية أو قانونية عن تلك القضية وتداعياتها.

وحول إقامة دولة فلسطينية، كان نتنياهو يشير قبل سنوات إلى دولة فلسطينية منزوعة السلاح وتعترف بيهودية إسرائيل، لكن دون تحديد إطارها الجغرافي، ثم أوقف التفاوض مع السلطة الفلسطينية بحجة عدم وجود مفاوض فلسطيني مدعوماً من الإدارة الأمريكية بشكل لافت وعلى كافة المستويات.

وأكد نتنياهو في خطاباته المتكررة على ثابت من ثوابت الخطاب السياسي الإسرائيلي حيال إبقاء القدس بشقيها المحتلين الشرقي والغربي عاصمة أبدية وموحدة لإسرائيل، ويعتمد نتنياهو في ذلك على وقائع تحاول المؤسسات الإسرائيلية فرضها على الأرض في مدينة القدس بغية تهويدها والإطباق عليها، وقد رافق ذلك محاولات إسرائيلية ما زلنا نشهد فصولها لتهويد الأحياء العربية القديمة من خلال الإخطارات اليومية لهدم منازل العرب وطردهم والسيطرة أيضا على ما تبقى من عقارات ومحال تجارية عربية بغية تهويدها وفرض الأمر الواقع الاحتلالي، جنباً إلى جنب مع ارتفاع وتيرة النشاط الاستيطاني في عمق الضفة الغربية، وهناك إجماع إسرائيلي على توسيع البؤر الاستيطانية وبناء وحدات استيطانية جديدة. ومن نافلة القول أن الإجماع الإسرائيلي حول القضايا الجوهرية الفلسطينية يجعل الحديث المتكرر من قبل إدارة بايدن وبعض دول الاتحاد الاوروبي بعد عملية طوفان الأقصى في السابع من تشرين الأول / أكتوبر الماضي عن إمكانية إنشاء دولة فلسطينية مجرد هراء ومضيعة للوقت، والأهم الآن العمل على وقف العدوان الإسرائيلي والإبادة الجماعية التي ترتكب في قطاع غزة والضفة الغربية والداخل الفلسطيني على مدار الساعة.

من الضرورة بمكان الإسراع في تحقيق وحدة وطنية فلسطينية حقيقية وتفعيل دور منظمة التحرير الفلسطينية عبر ضخ دماء شابة في مؤسساتها المختلفة وانضواء كافة الفصائل الفلسطينية في إطارها والاتفاق على سبل كفاحية وطنية مشتركة لمواجهة التحديات التي تعصف بالقضية الفلسطينية والوقت من دم والتاريخ لا يرحم.

 

Loading...