جولات الملك الأوروبية

 

ليست الجولة الأولى التي أنهى تفاصيلها وفعالياتها رأس الدولة الأردنية جلالة الملك، بل هي الجولة الثالثة، بعد مبادرة 7 أكتوبر 2023 الكفاحية، باتجاه أوروبا، وإن كانت هذه الجولة إتسع برنامجها ليشمل الولايات المتحدة وكندا.

الجولة الأولى تمت بعد صدور البيان الخماسي من قبل الولايات المتحدة والبلدان الأوروبية الأربعة: بريطانيا وإيطاليا وألمانيا مع قياداتها، والرئيس الفرنسي جاء إلى عمان، ووقع الاهتمام الأردني نحو البلدان الأربعة، لأن البيان الخماسي شكل غطاءً سياسياً لحرب المستعمرة على قطاع غزة تحت حجة وهمية تضليلية عنوانها "حق -المستعمرة- للدفاع عن النفس" وكأن حرب المستعمرة حرباً دفاعياً في مواجهة المقاومة الفلسطينية التي تُناضل ضد الاحتلال، ضد الظلم، ضد الاستعمار، ومن أجل حق الفلسطينيين في الحرية والاستقلال على أرض بلادهم، التي لا بلاد ولا أرض لهم غيرها: فلسطين.

والجولة الثانية أيضاً تمت بعد صدور البيان الخماسي الثاني، الذي شكل غطاءً لعملية الاجتياح الإسرائيلية لقطاع غزة، كمرحلة ثانية، بعد استنفاذ وسائل وأساليب المرحلة الأولى لمدة ثلاثة أسابيع، والتي اقتصرت على عمليات القصف والتدمير بواسطة الطائرات والصواريخ والقذائف من الجو والبر والبحر، فكانت المرحلة الثانية المتمثلة بعملية الاجتياح.

الجولة الملكية الثانية تمت إلى بروكسيل واللقاء مع قادة المجموعة الأوروبية، وكانت الرؤية الأردنية أكثر وضوحاً في العرض، في تفنيد الحجة التي ساقها البيان الخماسي الأول، حيث أن القصف والتدمير الإسرائيلي كان مفرطاً، متطرفاً، استهدف المدنيين الفلسطينيين، ولم يكن حقيقة ما يدلل أو يشير إلى "حق الدفاع عن النفس" بل كان انتقامياً عنصرياً مصحوباً بتصريحات وبرامج وأهداف معلنة تستهدف قتل المدنيين الفلسطينيين وتدمير حياتهم لجعل أرض فلسطين وخاصة في قطاع غزة، كمقدمة، كنموذج في عمليات الترحيل والتشريد والتهجير إلى سيناء.

الأردن، وعبر إدراكه لمخطط المستعمرة الإسرائيلية عمل على توضيح الصورة والمشهد والتداعيات بالتعاون مع مصر، لإحباط سيناريو التهجير من قطاع غزة إلى سيناء، خشية نجاح هذا السيناريو ونقله إلى القدس والضفة الفلسطينية بهدف تشريد أهلها نحو الأردن، وبالتالي إعادة رمي الفلسطينيين وطردهم وتشريدهم خارج فلسطين كما وقع وحصل عام 1948، وتكرار ذلك اليوم، بعد تولي هذا الفريق المتطرف إدارة المستعمرة نتاج انتخابات الكنيست 25 يوم 1/11/2022، خاصة وأن آخر إحصاءات إسرائيلية أعطت نتيجة أن هنالك أكثر من 7 مليون عربي فلسطيني على كامل خارطة فلسطين، وهذا يحول دون إقامة "الدولة اليهودية" على أرض فلسطين بوجود أكثر من 7 مليون عربي فلسطيني.

الجولة الثالثة لجلالة الملك، سارت بنفس الاتجاه والاهتمام: 1- وقف إطلاق النار، 2- إدخال الاحتياجات الضرورية، 3- انسحاب قوات المستعمرة من قطاع غزة، 4- إعادة فتح الاهتمام نحو حل الدولتين، كقاعدة على طريق إنهاء الصراع الفلسطيني الإسرائيلي.

وقد تمت هذه الجولة في اعقاب فشل برنامج وخطة المستعمرة الإسرائيلية في تنفيذ برنامجها:

1-قتل قيادات المقاومة واجتثاثها، 2- إطلاق سراح الأسرى الإسرائيليين، 3- طرد الفلسطينيين إلى سيناء، 4- إعادة المستوطنين إلى مساكنهم لدى المستعمرات المحيطة بقطاع غزة.

مكانة الملك ومصداقيته، وحكمته، ومنطقه في التعامل مع الأوروبيين والأميركيين تكسبه الاحترام والاستماع، والمساهمة في توضيح الحق الفلسطيني، وفي تعرية السلوك والهدف والتطرف الإسرائيلي، مما يجعل أدوات المستعمرة مستفزة بوسائل وأدوات وعناوين مختلفة سواء مباشرة أو غير مباشرة ضد الأردن بشكل عام، وضد نظامنا السياسي وقيادته، بشكل خاص.

نفخر بما ننجز على يد رأس الدولة ووزير الخارجية أيمن الصفدي الأكثر تعبيراً وأمانة ودقة في نقل روح سياسات جلالة الملك، وضمائر الأردنيين ومشاعرهم ومواقفهم وانحيازاتهم نحو الشعب الفلسطيني الشقيق.

Loading...