مقالات مختارة

الأقصى ورفح وحاملوا أعواد الثقاب

بقلم: يوسي يهوشع


بينما توجد الاتصالات للتوصل لاتفاق يعيد المخطوفين والمخطوفات تحت ضباب كثيف - لكن أغلب الظن دون اختراق - فإن الضغط العسكري من الجيش الإسرائيلي في القطاع يحقق تطورات مشوقة. التطور الأول يتعلق بالهدف المنشود أكثر من غيره في هذه اللحظة، يحيى السنوار. فعلى حد قول وزير الحرب يوآف غالانت الذي زار، أول من أمس، قيادة المنطقة الجنوبية كجزء من الاستعداد للعملية في رفح، فإن "حماس" "تبحث عن بديل" للسنوار في القطاع و"محطة غزة حماس لا تستجيب". فضلاً عن الصياغات القاطعة والواثقة – التي يحرص الوزير على أن يطلقها كل بضعة أيام – في إسرائيل يشخصون في الميدان ضائقة حقيقية لـ"حماس" وفقدان ثقة المستويات الصغرى في القيادة، على خلفية هزيمة 18 من أصل 24 كتيبة للمنظمة والهزيمة الفعلية للواء خان يونس، الذي كفّ عن تأدية مهامه كإطار عسكري.
في جهاز الأمن يقولون: إن يحيى السنوار يمتنع عن الاتصال ليس فقط مع قيادة الخارج في موضوع المفاوضات على إعادة المخطوفين والمخطوفات، بل وأيضاً مع المستوى المرؤوس منه في إدارة القتال. "يوجد عطاء على من سيدير غزة. لا توجد جهة تسيطر ولا توجد جهة تعمل"، قال غالانت، وقصد بذلك أن تكون القيادات في "حماس" والسكان أيضاً سيسمعون وسيستوعبون. وحسب قادة في الجيش الإسرائيلي قاتلوا في خان يونس، فإن العدو منهك ويكاد لا يقاتل، ودخل في حجوم صغيرة فقط إلى مستشفى ناصر حيث يعمل لواء الكوماندو. هذا أيضاً لم يُجدِهم نفعاً: نحو 200 مخرب سلموا أنفسهم، ومئات أخرى صُفّوا في عمليات دقيقة للقوات، التي انضم إليها أيضاً مقاتلو الوحدة البحرية 13. حتى هنا لم توجد تحت مستشفى ناصر أنفاق إستراتيجية، لكن في "حماس" عرفوا ما يفعلونه حتى دون هذا: المقدم (أ)، قائد سرية مقاتلين في الوحدة البحرية 13 قال: إن "المستشفى الذي كان يفترض أن يكون مأوى إنسانياً تبين كمجال قتال مليء بالأسلحة، البنى التحتية للاتصالات والنشطاء من حماس".
في داخل القطاع، وأساساً في الشمال، جموع السكان انقضوا على المساعدات الإنسانية التي وصلت إلى مدينة غزة، والمعارك على الغذاء عنيفة. في الخلفية تسمع المزيد فالمزيد من النداءات من السكان ضد قيادة "حماس". في تظاهرات عفوية للسكان في القطاع يعبّرون عن استيائهم من قيادة "حماس" التي "جلبت عليهم مصيبة".
هذه التطورات ترتبط مباشرة وبشكل غير مباشر بمسألة العملية في رفح. في زيارة إلى قيادة المنطقة الجنوبية عُرضت على غالانت الخطط العملياتية لمواصلة القتال ضد كتائب "حماس" هناك، وكذا في المعسكرات الوسطى.
وكما سبق أن كتب هنا الأسبوع الماضي، فإنه رغم التصريحات الفورية لرئيس الوزراء والوزير بيني غانتس، فإن العملية في رفح ليست قريبة، وقبلها سيعمل الجيش ضد كتيبتَي "حماس" في المعسكرات الوسطى. بالتوازي ينبغي أن يُتخذ قرار يتعلق بكيفية نقل السكان من رفح، وإلى أين، هل إلى خان يونس أم إلى أماكن أخرى؟ هذا عمل سيستغرق زمناً طويلاً، ومن المتوقع أن يتم أيضاً في شهر رمضان، الذي سيبدأ في آذار.
في إسرائيل يستغلون المشاعر الدينية لأجل تشديد الضغط للتقدم إلى صفقة مخطوفين، مثلما عمل، أمس، الوزير غانتس الذي هدد بأنه دون اتفاق، فإن إسرائيل ستعمل في رفح حتى أثناء رمضان. يوجد مبرر كامل لإطلاق تهديد كهذا ضد عدو استغل بوحشية فرحة التوراة، لكن بالتوازي لا يوجد سبب يجعلنا نحمل المنظومة أكثر من هذا من خلال إثارة الخواطر حول الحرم. في هذا السياق، يوجد جدال حول مسألة القيود على دخول عرب إسرائيل إلى الحرم وعلى أنظمة الاقتحام له. وزير الأمن القومي، إيتمار بن غفير، طالب بالإقرار للشرطة أن تقتحم الحرم بقوات كبيرة إذا ما رُفعت راية "حماس" أو علم فلسطين، لكن هذا الطلب لم يقبل في النقاش. كما طالب بن غفير فرض قيود على مجرد دخول عرب إسرائيل إلى الحرم في رمضان، لكن بخلاف المنشورات لم يقبل نتنياهو موقفه ونقل القرار إلى جهاز الأمن. وكانت توصية "الشاباك" السماح بالحجيج بشكل غير مقيد تقريباً؛ انطلاقاً من التفكير بأنه هكذا سيكون ممكناً منع الاضطرابات في أوساط عرب إسرائيل، الذين كان السلوك المعتدل لأغلبيتهم الساحقة حتى الآن هو نقطة النور في الفترة القاسية. فليفكر الجمهور الإسرائيلي: هل هذا هو الزمان والمكان للعب بالنار؟ وما الذي يحاول تحقيقه أولئك الذين يصرون على أن يسيروا وهم يحملون أعواد الثقاب إلى كل مكان؟


عن يديعوت أحرونوت

Loading...