بقلم: يوسي يهوشع
كان هذا هو التخوف الأكبر ما أن تبينت أبعاد الهجمة في 7 أكتوبر: بينما ينزف الجيش الإسرائيلي دما كي يطهر بلدات الغلاف من المخربين، ينقض «حزب الله» في صيغة مشابهة على بلدات الجليل ويضع إسرائيل في حرب في ساحتين كاملتين بعد ضربة بدء ساحقة. الآن، نحن نعرف أن يحيى السنوار ليس فقط تمنى أن يحصل هذا بل هو حقا عول على هذا بل وادعى بأنه تلقى تعهدا في الموضوع.
في إطار عمل الجيش الإسرائيلي في خان يونس، وضع الجيش يده على وثائق جديدة تروي فرضية زعيم «حماس» في القطاع وبموجبها لن يقف المحور الشيعي ايران – «حزب الله» جانبا. في وثيقة تقويم وضع وصلت إلى «يديعوت أحرونوت» كتب السنوار لرجاله: «تلقينا تعهدا بأن نشارك المحور في مشروع التحرير العظيم بسبب طبيعة العلاقة التي نعمل عليها». في وثائق أخرى يكرر التعهد الذي تلقاه وبموجبه فإن العملية في الجنوب ستجر عملية موازية في الشمال تدرب عليها «حزب الله» تحت عنوان «احتلال الجليل».
في النهاية، خيب آيات الله في طهران وحسن نصر الله في بيروت أمل السنوار. صحيح أن «حزب الله» دفع بـ 15 فوجا – كتائب صغيرة من قوات الرضوان – على طول الحدود، من رأس الناقورة في الغرب وحتى «هار دوف» في الشرق، وكان في حالة تأهب اجتياح في مدى زمني فوري. لكنه أيضا لم يعرف عن الموعد الدقيق لعملية «حماس»، وحتى بعدها لم يصدر الأمر بالسرعة التي أرادها السنوار. وعندها، على مدى بضع ساعات حرجة، قوات الجيش في النظامي وأساسا في الاحتياط، التي استدعيت من البيوت وصلت إلى الاستحكامات وأمسكت بالخط على مدى يوم متوتر.
الفجوة بين وعي السنوار في الوثيقة مقابل ما حصل في الواقع يثير السؤال: لماذا امتنع «حزب الله» عن عملية كانت ستثقل على إسرائيل التي على أي حال تعرضت لضربة لم ينتعش منها الجمهور بعد؟ إلى جانب المفاجأة، من اختيار «حماس» للموعد، فإن احد الاحتمالات هو أن يكون «حزب الله» أراد أن يفحص نجاح العملية، والى أن استوعب أبعادها، كان الجيش الإسرائيلي قد انتظم في الشمال بشكل منع تنفيذا فاعلا في خطط احتلال بلدات في الجليل. وبعد أن ضاق على «حزب الله» الحال، وبالتأكيد بعد تهديدات الرئيس الأميركي و»Don’t» فتح «حزب الله» النار على استحكامات في «هار دوف» وهو يكتفي بمحاولة استنزاف وتآكل الجيش الإسرائيلي. وبين هذا وذاك انتزع إنجازا أيضا: إخلاء بلدات خط التماس وتحويل اكثر من 100 ألف إسرائيلي وإسرائيلية إلى لاجئين في البلاد.
وحسب مصدر إسرائيلي، فإن سبب الامتناع عن حرب في الشمال هو سبب آخر: وعلى حد قول هذا المصدر فإن رغبة «حماس» الأساسية كانت الدخول فورا، لكن إيران لجمته لأنها تعرف بأن إسرائيل كانت سترد بقوة عظيمة والقدرات العالية والخطيرة لـ»حزب الله» لم تبن في طهران بكلفة مليار دولار في السنة كي تشكل مضاعف قوة لـ»حماس» بل كرد حاد في حالة هجوم إسرائيلي على منشآت النووي.
ولما كانت فكرة عملية إسرائيلية مكثفة في لبنان هي الأخرى شطبت عن جدول الأعمال، في الأيام الأولى للحرب (وزير الدفاع وقيادة الجيش أرادوا، رئيس الوزراء وغانتس وآيزنكوت كبحوهم)، بدأت مرحلة الضربات المتبادلة. في إسرائيل يسجلون إنجازات تكتيكية طيبة: عدد المخربين الذين صفوا يصل إلى نحو 200، قوات الرضوان أبعدت عدة كيلومترات شمالا، ولكن ليس كافيا بحيث يعاد السكان) وقادة كبار في قوة الرضوان صفوا. إضافة إلى ذلك تفتح إسرائيل في كل صباح هجوما على أهداف عسكرية في خط التماس بدلا من انتظار نار «حزب الله» وبعدها الخروج برد.
في الأيام الأخيرة، رفع الجيش الإسرائيلي الوتيرة في هجمات قوية في النبطية، في صيدا، في كيلا وفي بليدا. بالمقابل اطلق «حزب الله» مُسيرة سقطت في ساحة بيت رئيس مجلس «ماتيه أشير»، موشيه دافيدوفيتش. وأول من أمس، أيضا سقطت مُسيرة قرب طبريا. في الحالتين لم تقع إصابات لكن في الجيش يفحصون كيف نجحت هذه في التسلل دون أن تعترض مسبقا.
«في كل يوم ينتصر الجيش وينهزم (حزب الله)»، قال وزير الدفاع في زيارة إلى الشمال، امس. «آمل ألا تكون أيام أصعب، لكن إذا كانت – نحن جاهزون». كما ادعى غالانت بأن «معادلات نصر الله انهارت، الجيش الإسرائيلي يعمل في دمشق، في بيروت، في النبطية وفي كل مكان يستوجب ذلك».
بينما يخوض نصر الله لعبة الأدمغة من خندقه، انشغلت إسرائيل كثيرا بمعلومة مصداقيتها موضع شك كبير تقول، إن محافل في جهاز الأمن تخشى من أن يكون السنوار نجح في الفرار من غزة بل وأخذ معه مخطوفين. ومع انه ليس للجيش الإسرائيلي معلومات ملموسة عن مكان السنوار، لكن ما نشرته صحيفة «إيلاف» السعودية جر نفيا من مصدر عسكري كبير قال، انه لا توجد معلومات استخبارية تؤيد هذا الادعاء. وقال المصدر، إن خروج السنوار إلى مصر يعرضه إلى خطر اكبر. ونظرا لتاريخ الصحيفة من غير المستبعد أن تكون هذه محاولة إظهار للجمهور الغزي بأن السنوار ليس وطنيا كما يدعي بل مخرب فزع فر للنجاة بحياته. وهو يعرف لماذا: العملية في خان يونس مستمرة بينما يواصل لواء المظليين تعميق القتال غرب المدينة.
اجتاح المقاتلون أهداف إرهاب وصفوا مخربين كثيرين من مسافة قريبة وبنار قناصة دقيقة. بالتوازي فتحت فرقة 162 حملة في حي الزيتون بمساعدة القصف الجوي. الحملة بمشاركة لواء 401 ولواء الناحل تركز على أهداف وبنى تحتية إرهابية فوق وتحت الأرض.
هذا لم يحصل في فترة المناورة القوية، لكن في الجيش فهموا أنه حان الوقت وأرادوا أيضا أن يثبتوا نقطة أخرى: بعد سنوات من المخاوف والشكوك، لم يعد الدخول إلى «الزيتون» والعمل هناك على مدى عدة أسابيع مشكلة.
عن يديعوت أحرونوت