تصدير الثورة ومصادرة القرار اللبناني

 

وزَّع القائد الأعلى للثورة الإسلامية السيد علي الخامنئي كلمة ألقاها خلال استقباله "أعضاء المؤتمر الوطني لتخليد ذكرى شهداء طهران".

الملفت في كلمة السيد الخامنئي اعتباره أن تصدير الثورة الإسلامية تم بصورة تلقائية، حيث قال: "فنحن لم نعطِ الأوامر لأحد بل هذا هو تأثير الثورة (الإسلامية) فكما قلت مرارا فإن الثورة كهواء الربيع والهواء الطيب ولا يمكن منع انبعاثه ومنع فوحان عطر الربيع والأزهار الّذي يعم في باقي المناطق وينتشر، فلا يمكن منعه، وليس ضروريا أن يقوم أحد بتصديره بل أنه يصدر بصورة طبيعية..."

أما باقي المواضيع أو النقاط المهمة فتمثّلت بتنديد السيد الخامنئي بسلوك المسؤولين في الدول الإسلامية الذين يطالبون بما ليس بيدهم، وقصد المطالبة بوقف الحرب في غزة...

أما النقطة الأكثر أهمية وإثارة في آن هي قوله: " بأن الرحمة إلهية شملت الشعب الإيراني حينما وقعت الثورة ولولاها لكانت أوضاع إيران أشد ترديا من كافة الدول التي تعاني من التبعية، فالثورة الإسلامية حالت دون السقوط المطلق وأنقذت البلاد".

الصادم في هذا الكلام هو مجموعة من الحقائق التي لا تحتاج إلى معلومات ولا إلى تحليل وتتعلق بتصدير الثورة التي وصفها السيد الخامنئي برياح الربيع والهواء الطيب، وهي بالحقيقة كانت كالرياح الخمسينية التي تهب في الربيع – وهي رياح حارقة حرقت بطريقها العراق وسوريا ولبنان وأخيرا، أو ما قبل الأخير، اليمن!!

الكل يعلم كم صرفت إيران من ميزانيتها لعملية التصدير، وكم خسرت من رموز قضوا حيث التصدير لهذه الثورة، ومن أهمها... قاسم سليماني.

ما تتجاهله أو تجهله القيادة الإيرانية، لا أعرف، ان الثورات لا تصَدَّر لكن قيمُها قابلة للانتشار. والفارق كبير بين تصدير الثورة وبين انتشار قيمها، لذا من الصعب، لا بل المستحيل، أن يتصور أحد أن "الثورة الإسلامية في إيران"، والتي قدمت نفسها في إطار مذهب واحد، وانطلقت من بلد واحد، أن يكون باستطاعتها أن تصدِّر أو تنشر قيمها، إلا إذا استخدمت في ذلك سلطة الدولة، كما في إيران نفسها، سلطة الميليشيات، وكما في دول الانتشار العراق وسوريا ولبنان واليمن، وهذا الانتشار ليس جاذبية الثورة على الإطلاق.

كان ولا يزال مأزق "الثورة الإسلامية في إيران"، وما أحاط بهذا المأزق من عداوات ومن عقوبات، نتيجة مؤكدة، لا بل حتميّة، لتجاهل حدود القوة أو الجهل بها، وهذا منزلق كبير في الخلط بين الثورة والدولة...

هذا ما يؤكده الواقع السياسي والاقتصادي في إيران وفي كافة الدول التي لأذرع إيران دور فيها، حيث لا نرى إلا سيطرة قائمة على التخلف والانهيارات السياسية والاقتصادية وحتى الاجتماعية؛ هذا لأن التقدم والتنمية وثقافة الحياة هي وسائل السيطرة الجديدة.

أنتم متقدمون، إذن فأنتم سادة؛ أنتم متخلفون إذا فأنتم مقهورون تابعون مهما رفعتم من شعارات ومن أوهام الانتصارات ومن قصاصات قماش سميتموها أعلاما.

Loading...