منذ فشل المحاولة الأخيرة، لعقد صفقة تبادل مع هدنة، سجّل عداد القتل وما يزال ما معدله مائة في اليوم إن لم يكن أكثر.
المبدأ الذي يحكم التسويات، هو أن كل طرف من أطراف القتال المباشر، لن يحصل على كل ما يطلب، وإن كانت هناك أسقف مرتفعة من جانب كل طرف، فالمفاوضات وتطورات الميدان، وحدها من يحدد الربح والخسارة.
في الحرب الراهنة يتعامل نتنياهو مع الوقت وفق أجندته، إذ قام بتقطيعه على نحو يصعّب على الوسطاء مسعاهم في انجاز الحد الأدنى.
أجندة وضعت كسباق حواجز، لإضاعة الوقت لمصلحة العمل الأساسي الذي يديره، وهو العسكري المتحرر من كل ضغوط ومعوقات.
يحتاج أياماً لتقرير ما إذا سيرسل الوفد أم لا، وأياماً لاستقبال الاتصالات من مستوى الرئيس بايدن ودونه، وأياماً لدراسة المقترحات، ووضع الملاحظات عليها وهكذا...
نتنياهو يعمل على ضمان مواصلة العمل العسكري بما في ذلك بقاء اجتياح رفح على الأجندة، وأي صفقة يضطر لقبولها شرطها بالنسبة له ولمن معه، هو أن لا تؤثر على ما ألزم به نفسه أمام الإسرائيليين.."الانتصار المطلق".
يواجه نتنياهو في هذا الأمر صعوبات وتحديات، أولها الخسائر اليومية التي يتكبدها جيشه في مناطق مختلفة من غزة، وثانيها عدم وجود قرينة ولو بعيدة عن أنه في طريقه إلى اعتقال السنوار، إذ حدده كهدف رئيسي، وتحرير الرهائن بالقوة، وثالثها الصداع الذي لا يعالج بحبة أسبرين، والذي ينتجه ذوو المحتجزين عبر تظاهراتهم، واتهام نتنياهو بالعمل على التضحية بذوييهم إلى جانب تفاقم الإدانات الدولية لحربه الوحشية على غزة وارتفاع منسوب الدم والدمار فيها.
نتنياهو يحتاج زمناً مفتوحاً لعله يحقق أهدافه، وهذا ما لا يخفيه بل يجاهر به، وآخر ما حرر الأجندة التي أعلنت لليوم التالي، والتي هي بالضبط فصل آخر من فصول الحرب.
الوسطاء يعرفون ذلك، والأمريكيون بوجه خاص يُحرَجون من ذلك، وما يزالون يمارسون لعبة مزدوجة قوامها لنتنياهو التغطية السياسية والتمويلية وللفلسطينيين والعرب الوعود.. لهذا سوف تستمر الحرب طويلاً قبل اليوم التالي، وما بعده.