مقالات مختارة

«حزب الله» بحاجة لصفقة إسرائيل - «حماس»

 

بقلم: تسفي برئيل


يفترض أن تتضمن صفقة المخطوفين في إطارها وقفاً طويلاً لإطلاق النار، ما سيؤدي أيضاً إلى وقف إطلاق النار على الحدود مع لبنان. هذا افتراض معقول يستند إلى سلوك "حزب الله"، وقف إطلاق النار السابق الذي انضم إليه كجزء من الربط الذي خلقه بين الحرب في غزة ولبنان. أيضاً وقف إطلاق النار هذا تنتظره بصبر مجموعة الدول الخمس المعنية بإنقاذ لبنان من الأزمة السياسية والاقتصادية (السعودية وقطر ومصر وفرنسا والولايات المتحدة) التي لم تتمكن حتى الآن من صياغة خطة متفق عليها لإنهاء الصراع بين إسرائيل و"حزب الله"، وعدم قطع العلاقة بين الجبهة في قطاع غزة والجبهة في لبنان.
قبل أسبوعين وضعت فرنسا على الطاولة اقتراحاً يشمل وقفاً لإطلاق النار، وانسحاب قوات "حزب الله" إلى مسافة 10 كم عن الحدود الإسرائيلية، ونشر 15 ألف جندي لبناني على طول الحدود، وبعد ذلك تقوم الدولتان بإجراء المفاوضات حول الترسيم النهائي للحدود بينهما. لكن اقتراح فرنسا، الذي لم يتم تنسيقه كما يبدو مع الولايات المتحدة، لم يجد من يشتريه. "حزب الله" تمسك بالموقف الذي يفيد بأن أي مفاوضات أو أي عملية سياسية وعسكرية مشروطة بوقف إطلاق النار في غزة. إسرائيل تطلب الانسحاب الكامل إلى ما وراء الليطاني، كما ينص قرار مجلس الأمن 1701، الذي أنهى حرب لبنان الثانية. يوجد موقف مختلف للولايات المتحدة.
حسب مصادر سياسية مطلعة على مناقشات الاتفاق، يقدّر المبعوث الأميركي الخاص عاموس هوكستين أنه دون وقف إطلاق النار في غزة فإنه لن يكون بالإمكان البدء في المفاوضات مع الحكومة اللبنانية. هذا مقابل موقف فرنسا الذي يرى أنه يمكن تحقيق وقف منفصل لإطلاق النار بين إسرائيل ولبنان حتى قبل التوصل إلى وقف لإطلاق النار في قطاع غزة، وأن النقاشات حول الحدود غير ملحة. حسب هوكستين، فإن المفاوضات يجب أن تتركز على ترسيم الحدود البرية؛ لأنه في ذلك تكمن احتمالية تحييد طلبات "حزب الله" والحكومة اللبنانية ضد إسرائيل، وإجبار الحكومة اللبنانية على نشر الجنود على الحدود المتفق عليها من أجل "فرض سيادتها على كل الأراضي اللبنانية".
لكن الخطة الأميركية أيضاً ما زالت لا تقدم أي إجابة عن الطريقة التي يمكن بوساطتها إجبار "حزب الله" على الانسحاب إلى ما وراء الليطاني وتفكيك قواعده الموجودة قرب الحدود؛ لأن جزءاً من هذه القوات انسحبت في السابق. الاختلاف بين موقف أميركا وفرنسا، الذي لا يخلو من اعتبارات المنافسة السياسية والمكانة، فإن امتناع السعودية عن "دخول صاخب" إلى داخل السياسة اللبنانية وعجز مصر عن لعب دور مهم، تعطي "حزب الله" هامش مناورة سياسياً.
يبدو أن الضغط الداخلي في لبنان بالذات هو الذي يمكن أن يحدث الانعطافة. هذا الضغط يستند إلى 120 ألف لبناني اضطروا إلى الهرب من بلداتهم وأن يجدوا ملجأ لهم في مدن بعيدة عن الحدود. لكن يبدو أن الأكثر أهمية هو النضال الذي حبس "حزب الله" نفسه فيه حول شرعية المعركة التي يديرها ضد إسرائيل باسم "وحدة الساحات".
هذه المعركة الداخلية وصلت إلى الذروة، الإثنين الماضي، عندما قام الرئيس اللبناني السابق ميشيل عون بإلقاء قنبلة علنية قوية. ففي مقابلة مع قناة التلفزيون التابعة له "أو.تي.في"، قال: "نحن غير مرتبطين باتفاق دفاع عن غزة، والعلاقة بين الجبهات هي شأن الجامعة العربية". والأهم من ذلك حسب عون هو أن "الأقوال التي بحسبها المشاركة في الحرب كضربة استباقية لهجوم إسرائيل على لبنان، هي مجرد آراء. حيث أن الدخول إلى المواجهة لا يبعد التهديد، بل يعززه. من ناحية سيادية يجب عدم الربط بين التطورات العسكرية في غزة وعلى الحدود اللبنانية وبين قضية تعيين الرئيس". عون (90 سنة) لم يعد الرئيس منذ تشرين الأول 2022. ولكن موقفه السياسي له تأثير كبير، لا سيما عندما يكون صهره، جبران باسيل الذي يطمح لأن يكون الرئيس، هو زعيم حزب "التيار الوطني الحر" الذي نجح حتى الآن في صد عملية تعيين رئيس متفق عليه.
التحالف بين حسن نصر الله وميشيل عون وحزبه المسيحي الأكبر حيوي من أجل ترسيخ سيطرة "حزب الله" على الفضاء السياسي في لبنان ضد خصومه مثل حزب "الكتائب" لسامي الجميل، "القوات اللبنانية" لسمير جعجع، والحركات السنية وعلى رأسها حزب "المستقبل" لسعد الحريري نجل رفيق الحريري الذي قتل في 2005، وبالأساس ضد البطريرك الماروني بشارة الراعي الذي يدير في الفترة الأخيرة حواراً هجومياً شديد اللهجة ضد "حزب الله" وحربه ضد إسرائيل.
هذا التحالف ولد في شباط 2006 قبل ستة أشهر من حرب لبنان الثانية، عندما وقّع عون ونصر الله على وثيقة تفاهمات في كنيسة مار ميخائيل بحي الضاحية، التي سميت منذ ذلك الحين "تفاهمات مار ميخائيل". هذا الاتفاق كان حتى الآن هو أساس التعاون الوثيق والطويل بين التيارين، والذي نص فيه ضمن أمور أخرى على أن سلاح "حزب الله" سيتم استخدامه للدفاع عن سيادة لبنان ضد عدوان إسرائيل، وعملياً منح "حزب الله" دعم عون لمواصلة حيازة السلاح حتى بعد انتهاء حرب لبنان الثانية، رغم البند الذي يوجد في قرار 1701 والذي ينص على انسحاب قوات "حزب الله" إلى ما وراء نهر الليطاني ونزع سلاحه.
"اتفاق مار ميخائيل مات"، كتب في هذا الأسبوع بوسائل الإعلام اللبنانية بعد أقوال عون. وبعد فترة قصيرة أعلن جبران باسيل أنه "يجب عدم إلقاء مسؤولية تحرير فلسطين على لبنان، هذه مسؤولية الفلسطينيين أنفسهم. نحن لسنا مع وحدة الساحات أو ربط لبنان بجبهات أخرى. وبشكل محدد نحن ضد ربط وقف الحرب في جنوب لبنان مع وقف الحرب في قطاع غزة".
تصفية الحسابات الشخصية مركب ثابت في سياسة لبنان، لكن الآن هي تعمل على تقويض شرعية المعادلة التي أوجدها "حزب الله" بين لبنان وغزة بشكل عميق. وقف إطلاق النار في غزة حيوي الآن للحزب من أجل أن يستطيع استعادة كل السيطرة على العملية السياسية التي تجري في لبنان، وتقويض ادعاءات خصومه والتأسيس للمعركة المهمة حقاً وهي تعيين الرئيس في لبنان، المعركة التي تضمن لـ"حزب الله" مكانته وسلاحه.

 

عن هآرتس

Loading...