بقلم: عبد المنعم سعيد
السائل فى الصحافة والإعلام يريد إشباع عطش الجمهور وشغفه تجاه الحروب؛ وعندما بات الأمر فى «حرب غزة الخامسة» فإن الفضول بات إصرارا على اختصار المحتوم. فالحقيقة أن لا أحد يعرف متى تنتهى الحروب. الممالك المسيحية فى أوروبا التى انزعجت على الغزو العربى الإسلامى لشبه الجزيرة الأيبيرية (إسبانيا والبرتغال) احتاجت ٧٨١ سنة من الحرب لتحقيق هدف «التحرير». حرب «المائة عام» بين إنجلترا وفرنسا أو بين البروتستانت والكاثوليك استغرقتا فعلا ١١٦ عاما؛ وقد تلتها حرب الثلاثين عاما. الحربان العالميتان فى القرن العشرين استغرقت ما بين ٤ وستة أعوام؛ ويمكن القول إن الحرب الإسرائيلية الفلسطينية ممتدة على مدى ٧٥ عاما أو أكثر. وبعض الحروب قصير الزمن، وشاع الوقت أن حرب يونيو ١٩٦٧ أنها حرب الأيام الستة؛ ولكنها لم تتوقف حقا بعد هذه الأيام، فمنذ معركة رأس العش جاءت حرب الاستنزاف وبعدها حرب أكتوبر. وهناك حروب قصيرة أيضا، حرب استقلال سلوفينيا عن يوجوسلافيا التى مثلتها صربيا كانت لعشرة أيام فقط. وجرت حرب بين السلفادور وهندوراس بسبب كرة القدم استغرقت مائة ساعة؛ وفى التاريخ المكتوب فإن هناك حربا استغرقت ٣٨ دقيقة بعد أن قصف الأسطول البريطانى بيت حاكم زنجبار فى ٢٥ أغسطس ١٨٩٦ لكى يعود حاكم آخر.
كل حرب لها تعقيداتها الخاصة، وظروفها، والدوام قد يكون له فترة، ولكن الأغلب أن يكون جزءا من سلسال قائمة من الحروب؛ ولذلك جرى التمييز أحيانا بين المعارك والحروب. والأمر يتوقف على السائل والمحلل وطالب الإجابة، وكثير من الدارسين يعتقدون أن الحربين العالميتين ما هما إلا حرب واحدة كانت بينهما هدنة طويلة. الحروب العربية الإسرائيلية استمرت بأشكال متعددة وفى طورها الفلسطينى الإسرائيلى أخذت شكل حرب متقطعة حتى بلغت فى غزة وحدها خمسا. ربما يكون السؤال فى الحرب بين العرب وإسرائيل عن نهاية الحرب خاطئا؛ والأفضل والأكثر عملية ونفعا أن يكون السؤال متى يحل السلام والوئام؟
عن الأهرام