الخميس الدامي.. مجزرة بشرية وأخرى سياسية

 

مع أن مجزرة شارع الرشيد المروعة جاءت امتداداً لمجازر مماثلة حدثت على مدى أشهر الحرب الخمسة إلا أن ما ارتكبه الجيش الإسرائيلي من مجازر، يظل على هوله أقل فداحة من مجازر نتنياهو السياسية، وليس آخرها مؤتمره الصحافي الذي عقده يوم المجزرة، والذي كان بمثابة تجديد بمواصلة الحرب على غزة، دون أي سقف زمني، إضافة إلى وضعه المعيقات أمام إنجاز الهدنة التي يجري العمل عليها من واشنطن والقاهرة والدوحة وباريس.

نتنياهو وظّف مجزرة شارع الرشيد في حربه التي يسميها حرب الانتصار المطلق، وهو يعرف أنه لن يحصل على ما يريد لأن كلمة المطلق كبيرة عليه، وحتى على كل من يحاول أن يخضع الشعب الفلسطيني ويجبره على رفع الراية البيضاء.

يستطيع نتنياهو بطيرانه الأمريكي ودباباته وصواريخه، وعديد قواته أن يملأ غزة والضفة وجنوب لبنان، وها هو يفعل ذلك، غير أنه بحاجة لأن يعرف أن حربه هي من النوع الذي لا انتصار مطلق فيها ولا حتى نسبي، فهو يواجه الشعب الفلسطيني كله ومن معه من الحلفاء، ولو راجع الوقائع منذ "انتصار" أسلافه الذي ظنوه مطلقاً في العام 1967 وإلى يومنا هذا لوجد أن الانتصار المطلق مجرد خرافة، وأن انتصاره الحقيقي يكمن في أن يعترف بالحقيقية. حقيقية أن جيشه الذي سمي بالذي لا يقهر، يواجهه شعب أثبت أنه لا يقهر فعلا، وسيأتي اليوم الذي يعترف فيه ويعترف غيره ممن سيحلون محله باستحالة الانتصار على شعب يملأ أرضه ويتشبث بها وبحريته وباستقلاله.

هذا الشعب لن يهدأ قبل أن تقوم دولته، العالم اعترف أخيراً بذلك وقد سبق قادة إسرائيل الذين ما يزالون يكابرون ويرتكبون المذابح دون جدوى.

Loading...