بقلم: ناحوم برنياع
بخلاف الانطباع الذي يمكن ان يؤخذ من تقارير وسائل الاعلام، لا توجد الآن بشائر في المفاوضات على تحرير المخطوفين. المظهر في جهة والجوهر في جهة أخرى: في ما يتعلق بالمظهر، كل الشركاء في المفاوضات بذلوا جهداً هذا الأسبوع. الرئيس بايدن قال إنه يأمل ان يتحقق اتفاق حتى يوم الإثنين؛ إسماعيل هنية قال إنه حرصاً على الشعب الفلسطيني اختارت حماس ابداء المرونة؛ إسرائيل بعثت بوفد الى قطر لمواصلة الاتصالات؛ الرئيس السيسي ورئيس وزراء قطر آل ثاني بثاً تفاؤلاً حذراً.
كل واحد تحدث الى جمهوره: بايدن تحدث الى المسلمين في ولاية ميشيغان الذين يهددون بطرده من البيت الأبيض، هنية تحدث الى العالم العربي، وكذا الى السكان في الضفة وفي غزة الذين يطالبون بوقف القتل والمعاناة؛ السيسي وآل ثاني ارادا أن يذكرا الجميع، بما في ذلك الإدارة الأميركية، من يستحق الثناء؛ وحكومة إسرائيل، كعادتها، تحدثت بعدة أصوات.
عمليا، يشعر السنوار بأن بوسعه أن يسمح لنفسه بمزيد من التمديد: لديه ذخائر في اليد، وهو لا يسارع الى التخلص منها. يحتمل انه لا يزال لديه الامل في أن تشتعل النار الذي اضرمها الى حرب كبرى، إقليمية، حرب تضعه في التاريخ الإسلامي الى جانب صلاح الدين.
نتنياهو هو الآخر يشعر بأن بوسعه ان يمدد الحال اكثر. فهو يعرف بان الثمن السياسي والأمني للصفقة باهظ جدا. وهو لا يسارع الى دفعه. واساسا لا يريد ان يسجل الثمن على اسمه.
الوفد الذي سافر الى قطر تلقى تفويضا بالبحث في عناصر المساعدات الإنسانية، وليس اكثر من هذا. المستوى الفني ليس اكثر. ليس منه سيأتي الخلاص.
كل شيء يتوقف عن السير، باستثناء الساعتين اللتين تنصبان امامنا – ساعة حياة المخطوفين وساعة رمضان. دقهما ينذر بالشر. هذا لا يعني انه اذا لم يتحقق اتفاق في الأسبوع الذي امامنا، كل شي ضائع، والمخطوفون سيتركون لمصيرهم يموتون، وفي المناطق ستبدأ انتفاضة ثالثة – لكن للتأجيل يوجد ثمن، بالدم والنار.
ليس اقل اقلاقا هو الجانب الأميركي. لقد اعتدنا على التفكير بأميركا بتعابير عائلية: دور الرئيس هو ان يدعمنا، ان يحبنا، ان يصرخ علينا عند الحاجة. نحن نتلقى السلاح والاسناد الدولي، واليهود يساهمون بأصواتهم في الولايات الأساسية وبالمال لصناديق تمويل الانتخابات. المواجهة يمكن أن تقع فقط عندما نعرض نحن مصلحة أميركية عالمية للخطر، مثلما في الجدالات مع كيسنجر إبان وبعد حرب يوم الغفران، مثلما في حرب سيناء 1956.
الوضع هذه المرة مختلف. هو يبدأ من طريقة الانتخابات المعقدة التي رتبها الأميركيون لأنفسهم. فلما كانت الأصوات في الانتخابات للرئاسة تحصى إقليمياً بأن بضع ولايات فقط يكون فيها الفرق بين المرشحين صغيرا، تحسم حقا. احداها هي ميشيغان، دولة تعيش فيها اقلية إسلامية كبيرة. مثلما في فلوريدا، وهي ولاية أساسية أخرى، يمكن لأصوات اليهود أن تحسم من يكون في البيت الأبيض، هكذا أصوات المسلمين في ميشيغان. في السنوات الأخيرة قام في ميشيغان جيل إسلامي شاب، سياسي جدا، مناهض لإسرائيل جدا. ممثلوه يحتلون مواقع رفيعة المستوى في الحزب الديمقراطي. وقد دعوا المقترعين في الانتخابات التمهيدية الى الاخذ بخيار "غير ملزم" كاحتجاج على دعم بايدن لإسرائيل في الحرب في غزة.
لقد نجحت الحملة الى ما يتجاوز التوقعات: 130 الف مقترع ديمقراطي ايدوها. الصفعة لبايدن دوت على طول وعرض الساحة السياسية. شهدت ليس فقط على صعود لوبي سياسي جديد، ناجع وسام؛ شهدت أيضا على النفور الذي يشعر به الكثير من الأميركيين امام الصور من غزة. بايدن يحب إسرائيل ويخاف عليها حقا. لكن لا توجد له أي نية لان يخسر الانتخابات بسببها. هذا تهديد وجودي.
نتنياهو قال هذا الأسبوع ان 80 في المئة من الأميركيين يؤيدون إسرائيل في الحرب. كما أوضح مراسلنا ايتمار آيخنر كانت هذه خدعة، تلاعب. 80 في المئة يؤيدون إسرائيل حين يُسألون من تؤيدون إسرائيل أم حماس. هذا لا يعني أنهم يؤيدون استمرار القتال.
ماذا لا يريد بايدن؟ أولاً، هجوماً واسعاً على رفع يعرض للخطر حياة قرابة مليونين من السكان ممن نزحوا الى هناك ويوفر صورا قاسية للتلفزيون وللشبكات الاجتماعية؛ ثانيا، اتساع الحرب في الشمال؛ ثالثا، خطوات استفزازية من اليمين في الحرم، في القدس وفي الضفة.
الموضوع الثالث يستوجب ايضاحا. القرار الأخير ببناء 3 الاف وحدة سكن أخرى في الضفة علل بالحاجة لمعاقبة حماس في اعقاب عملية الإرهاب. هذا لم يؤثر على حماس بالطبع، لكن إدارة بايدن عرضت مرة أخرى بلا وسيلة حيال نزوات حكومة إسرائيل.
القنصلية الأميركية في القدس مسؤولة عن الضفة. تقاريرها عن اعمال فتيان اليمين ضد العرب قاسية. اقسى منها هي التقارير عن اعمال المنظومة التي بناها سموتريتش، كوزير في وزارة الدفاع. سموتريتش يكافح غالنت، منسق الاعمال في المناطق والشاباك على السيطرة على السكان وعلى المنطقة. وهو يعتزم ان يعين قريبا نائب رئيس إدارة مدنية، رجله، يمسك في يديه كل الصلاحيات المتعلقة بالمستوطنين اليهود. بن غفير يعمل بطريقته الخاصة، بواسطة الشرطة. كل هذه الخطوات تضر بالأمن، بالإدارة الأميركية وبمكانة إسرائيل في المنظمات الدولية وفي الرأي العام في الغرب على حد سواء. نتنياهو لا يرى لنفسه مفرا غير الانجرار وراء سموتريتش وبن غفير.
شرع الأميركيون بمسيرة تفرض عقوبات على نشطاء اليمين. الأربعة الذين تم اختيارهم هو الأوائل في قائمة متنامية. المسيرة تتطلب وقتا. لاحقاً هم كفيلون بان يصلوا الى نشطاء مركزيين في أحزاب اليمين.
ماذا يريد بايدن؟ صفقة مخطوفين، وقف نار، مسيرة اعمار غزة، مفاوضات على إقامة دولة فلسطينية وحلف إقليمي حيال ايران، بهذا الترتيب الى هذا الحد او ذاك. في البيت الأبيض يعملون على خطابه الذي سيفصل هذه التطلعات. الفكرة الأساس هي خلق محور التفافي لنتنياهو في الراي العام في اسرائيل ومحور التفافي أبو مازن في المناطق وفي العالم العربي. ولكن ما الذي سيحققه خطاب اذا كانت حتى صفقة مخطوفين تتأخر في المجيء.
عن يديعوت أحرونوت