قبل الدخول في صلب الموضوع أريد أن أؤكد على احترامي لاستقلال الدول العربية كلها وبالأخص الكويت الشقيق رغم أنني من أشد المتحمسين لوحدة عربية حقيقية بين كل الدول العربية.
إن ما نمر به اليوم في الوطن العربي وبالأخص في فلسطين وإن حصل وهزمت فلسطين فلن تتوقف إسرائيل عن أطماعها في كل الوطن العربي وعندها سينطبق علينا كعرب المثل العربي (لقد أُكلت يوم أُكل الثور الأبيض).
الوطن العربي بشكله الحالي خضع في فترة من التاريخ القديم إلى امبراطوريات غير عربية كالإمبراطورة الرومانية والامبراطورية الفارسية ورغم ذلك قامت دول عربية في اليمن والعراق وبلاد الشام ومصر قبل الإسلام.
بعد الفتوحات الإسلامية قامت دولة إسلامية امتدت حدودها لتتعدى ما هو معروف بالوطن العربي حيث ضمت الإمبراطورية العثمانية كل دول الوطن العربي المعروف الآن باستثناء مراكش أو ما يعرف بالمغرب إضافة إلى دول في آسيا وأوروبا.
لا أنوي في هذه المحاولة الخوض بِكَمٍ من التفاصيل يضيع معه القارئ بل سأتناول الوطن العربي بشكله الناتج عن سقوط الإمبراطورية العثمانية وما تبعها من اتفاق سايكس – بيكو وما تلاها من انقسامات انتجت 22 دولة أعضاء في جامعة الدول العربية وهناك دول تتحدث اللغة العربية إلا أنها خارج إطار الجامعة العربية مثل أريتيريا وتنزانيا.
كل الدول العربية ضمن حدودها المصطنعة تحارب بشراسة عندما يتعلق الموضوع بالصراعات العربية وتخوض حروباً طاحنة ضد بعضها البعض وأحيانا تتحالف من الصديق والعدو لضرب دولة عربية ما حتى وصل الأمر إلى المشاركة في قوات دولية من قبل تسع دول عربية شكلت للدفاع عن الكويت عملاً وفعلاً بقصد أم بغيره أسهمت في تدمير الدولة العراقية التي تعتبر من أقدم الحضارات في العالم. وحرب اليمن التي خاضتها أمريكا بمشاركة دول عربية مثل مصر والسودان بقيادة سعودية إماراتية.
لم يتشكل أي تحالف عربي من أي نوع كان للدفاع عن أي دولة عربية تعرضت لعدوان خارجي مثل ما حصل 1956 أثناء العدوان الثلاثي وعام 1967 عندما احتلت إسرائيل شبه جزيرة سيناء والجولان وما تبقى من فلسطين وصولاً إلى ما حصل من احتلال عاصمة عربية 1982، ثم قصف تونس 1985، احتلال العراق 2003 الهجوم الأول على ليبيا 1986 والتدخل الدولي فيها 2011 وكل الحروب على غزة.
إذا نحن العرب ندافع عن حدودنا المصطنعة عندما يتعلق الأمر ببعضنا ونتحالف مع من هب ودب ولا نحرك ساكناً إذا كان الاعتداء من آخرين.
كل ذلك يحصل لأن غالبيتنا مقتنع بأن الآخرين وبالأخص القوى العظمى هم وحدهم قادرين على حماية دولنا (انظمتنا) والحقيقة أن أحسنا النية مغايرة تماما لهذا الاعتقاد فالذين نعتقد أنهم يحموننا دمروا العراق ودموا سوريا التي وقفت ضد العراق في حينه ودمروا ليبيا واليمن والحبل على الجرار فكلما انتهوا من دولة استهدفوا غيرها حتى يتمكنوا من تحطيم أي امل للعرب ومن بعدهم المسلمين.
إن للعرب من الإمكانيات لحماية أنفسهم وربما حماية غيرهم في حال توحدوا وليس هذا فحسب بل سيتحولون إلى ربما القوة العالمية الثالثة في عدد السكان بعد الهند والصين والثانية من حيث المساحة بعد روسيا، سيتحكم الاتحاد العربي بأهم الممرات المائية وسيشرف على معظم البحار والمحيطات. أما جيشهم فسيكون الأكبر في العالم حسب دراسة أجرتها صحيفة سبوتنيك الروسية، أمّا فيما يخص الدخل فسوف يتجاوز 6 تريليون مما يؤهلهم لاحتلال المركز الثالث عالمياً بعد أمريكا والصين من حيث انتاج النفط فحصتهم تتجاوز ثلث الإنتاج العالمي، أمّا إذا تحدثنا عن الإمكانيات الكامنة في الزراعة وتربية المواشي وإنتاج الطاقة فإن بإمكانهم أن يكتفوا ذاتياً في كل المجالات بل أبعد من ذلك يمكن أن يغطوا كل احتياجات العالم من الطاقة النظيفة والرخيصة.
كل ذلك لا يحصل لأن من نعتقد أنهم يحموننا لا يريدون وحدتنا بل يخشونها لأنها ستقلص هيمنتهم على الكثير من الدول والموارد. فهل من عاقل في الوطن العربي يتبنى بصدق مشروع وحدة تدعمه كل الشعوب العربية وليس بهدف الاعتداء على الآخرين وإنما للإسهام في بناء عالم أكثر عدلاً واستقراراً وازدهاراً.