حكاية الميناء المؤقت وربما الدائم!

 

وُصف بالمؤامرة، ووصف كل من يوافق عليه أو يشارك فيه بشركاء المؤامرة، وفي خطٍ موازٍ مع الإنزال الفاشل للمعونات من الجو، وكذلك مع الإدخال البطيء وقليل الفاعلية من البر، تفتح أوروبا بتنسيق مع دول الإقليم وأمريكا بالطبع خطاً بحرياً من قبرص لإدخال المساعدات إلى قطاع غزة، وفي كل الحالات براً وبحراً وجواً فإن كل ذلك يتم بالتنسيق مع إسرائيل، وتحت طائلة التفتيش الأمني، أينما وصلت المساعدات أمريكية كانت أم أوروبية أم من أي جهة عربية وإقليمية.

هنالك بديهية سياسية لا تخرج عنها أي دولة، وهي أن كل خطواتها صغيرة كانت أم كبيرة، جزئية كانت أم شاملة، عسكرية كانت أم سياسية، تنطلق من مصالح وخطط الدول، وليس من منطلقات أخلاقية أو قانونية أو حقوقية، ومن هنا ينبغي تقويم الخطوات الأمريكية سواء وصفت بالمؤامرة أو أي وصف آخر، وأمريكا ومن معها من الدول لا تخفي أجندتها تجاه غزة، وتحديداً تجاه حماس، والرئيس بايدن الذي هو القائد والمزوّد الاستراتيجي للحرب ومتطلباتها على غزة، كان واضحاً في خطابه "حالة الاتحاد" وملخص ما قال وما يفعل منذ اليوم الأول وإلى اليوم وغداً وبعد غد، أنه مع إسرائيل في جميع أهدافها، إلا أنه يختلف مع بعض الوسائل، ولا يطالب بالإقلاع عنها وإنما تعديلها، هذا هو الموقف الأمريكي المعلن والممارس، ولنا أن نصفه بالعدوان أو التآمر أو الخدعة، ومهما قلنا عن الموقف الأمريكي فهو صحيح ومُعلن ومُمارس.

عندما نقر بأن هذه هي أمريكا، وهذه سياساتها، وهذا دورها، يصبح الوصف تحصيل حاصل، وتصبح مطالبتها بالضغط على إسرائيل لوقف حربها أمراً غير منطقي، ما دامت شريكاً وممولاً.

الميناء المؤقت ليس مجرد عمل إنساني خيري كما تقول أمريكا، فهو في حقيقة الأمر رأس جسر لما بعده، وما بعده يحسمه بصورة أكثر وضوحاً تطورات الميدان التي لم تتبلور نهاياتها بعد، ونأمل أن تكون في مصلحتنا.

Loading...