بدائل الشرعية الفلسطينية ضمن الاستراتيجية الصهيونية

روابط العشائر وروابط المدن والقرى منذ تبلور المشروع الصهيوني والقيادات الصهيونية تعمل كل ما بوسعها لإلغاء الهوية الوطنية الفلسطينية بدءً من تغييب تعبير فلسطيني والاستعاضة عنه بالعرب أو سكان المناطق مروراً بكل أشكال الإجرام لتفريغ فلسطين من سكانها مروراً بتغيير الأسماء التاريخية للمناطق الفلسطينية من خلال التهويد ومصادرة الأراضي وسياسة الهدم وأهمها السرطان الاستيطاني.

وضعوا خططاً لتهجير الفلسطينيين عبر القوة كما ورد في الفقرة السابقة أو من خلال جعل الحياة مستحيلة ودفع الناس للهجرة الطوعية وبما أنهم عجزوا أمام إصرار الشعب الفلسطيني على البقاء فقد لجأوا للعمل على خطين متوازيين: -

 الأول تسريع وتيرة الاستيطان وفرض حقائق على الأرض.

والثاني تعزيز الانقسامات الفلسطينية عبر خلق أجسام بديلة للتمثيل الفلسطيني الشرعي والوحيد وفي أحسن الأحوال رديفة مما سيمكن إسرائيل من كسب الوقت لجعل إقامة دولة فلسطينية أمراً غير ممكن.

وفي هذا السياق شكلوا روابط القرى في سبعينات القرن الماضي وهم اليوم يبحثون عن روابط عشائر في قطاع غزة وروابط قرى ومدن في الضفة الغربية، فقد أوردت صحيفة الشرق الأوسط في الثاني من آذار الجاري خبراً عن اتصالات إسرائيلية رسمية مكثفة مع عشائر قطاع غزة في محاولة لتثبيت سيطرة عشائرية تدير مناطق محددة في القطاع لإنهاء سيطرة حماس ومنع أي دور للسلطة الوطنية في إدارة القطاع في اليوم التالي. والحقيقة أن هذه الاتصالات لم تنقطع يوماً إلا أنها قد تضاعفت الآن.

نجحت الاتصالات الاسرائيلية في أماكن قليلة وفشلت في غالبية المناطق وقد استغل ضباط الاتصال الإسرائيليين الغضب العارم من تغول قيادة حركة حماس على سكان القطاع خلال 17 عام من عمر الانقلاب وحكم قطاع غزة بقبضة حديدية من خلال فرض الاتاوات والإستزلام لشخصيات وازنة من العشائر ومن لجان المخيمات ومن الشخصيات الاعتبارية.

إن توجه إسرائيل للعشائر مرده لطبيعة العشائر وغياب أطر أخرى مثل المجالس البلدية والقروية ثم أن نجاح إسرائيل في استقطاب بعض العشائر يعود إلى رغبة البعض في الإنتقام من حكم حركة حماس، ولم لا لتعزيز دور العشيرة وبالأخص العشائر المسلحة خاصة وأن الاحتلال قبل الانسحاب أحادي الجانب من القطاع عمل على تجنيد وتسليح متعاونين.

لم تتوقف إسرائيل عن استخدام كل الطرق لاستحداث أجسام بديلة للشرعية الفلسطينية، وفي هذا الإطار عملوا على خلق قنوات تواصل مباشرة بين ما يسمى بالإدارة المدنية والمواطنين في الضفة الغربية مضاف إليه ترويج أن الشرعيات الفلسطينية منتهية الصلاحية وبالتالي عملوا من خلال عملائهم على خلق جيش من المعارضين الذين يستخدمون حقيقة عدم إجراء انتخابات تشريعية ورئاسية لتعهير السلطة والمنظمة. وروجوا لأن الشرعية الوحيدة هم المجالس البلدية والقروية.

يشار إلى أن مبعوث الأمم المتحدة للشرق الأوسط تور وينسلاند أجري لقاءات مع شخصيات في جنين ونابلس في أكتوبر 2022 بعيدة عن السلطة بغية تهدئه الأوضاع المتوترة شمال الضفة الغربية مما يعني تجاوز صريح للسلطة الوطنية وأجهزتها، وقد ضمّن هذه اللقاءات في تقرير قدمه للأمم المتحدة.

لقد عملت الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة على وضع خطط تكتيكية وأخرى استراتيجية بغية تحقيق إقامة إسرائيل الكبرى بأقل عدد ممكن من السكان غير اليهود. فهناك مشروع ايغور آيلاند لعام 2000 ومشروع الحسم الذي قدمه سموتريتش وسياسة بن غفير الهادفة إلى تسليح المستوطنين ليشكلوا عامل ضغط يجبر الفلسطينيين على القبول بخيارات سموترش الثلاث التي تمثلت في تهجير الفلسطينيين إلى الأردن أو البقاء كعبيد وخدم لليهود أو الموت.

وكيلا تنجع إسرائيل في مشروعها فإن على الفلسطينيين إفشاله وذلك مرهون بعدة عوامل على رأسها نتائج العدوان والموقف الدولي الذي أخذ بالتطور إيجاباً، أما العامل الثاني فهو مرهون بأداء منظمة التحرير الفلسطينية والسلطة الوطنية وقدرتهما على تلبية احتياجات سكان القطاع إضافة إلى إقناع حكومات الغرب بأنهما قادرتان على إدارة الدولة بحيث لا تشكل خطراً على ربيبتهم إسرائيل.

 أما العامل الثالث فهو مواصلة العمل مع شعوب العالم الذين تحركوا بشكل غير مسبوق دعماً لفلسطين عبر مراجعة شاملة للأساليب التي استخدمتها الأذرع الفلسطينية ذات العلاقة ووضع برامج عملية وتكليف طواقم قادرة على تعزيز العمل مع المجتمع الدولي.

 العامل الأخير هو قدرة الشرعية الفلسطينية على العمل مع الأصدقاء في ملاحقة إسرائيل على جرائمها في كل المحافل ما سيشكل رادعاً لإعادة المحاولة من قبل إسرائيل.

 في الختام أتمنى أن لا يكون القطار قد فاتنا كفلسطينيين بكل مشاربنا.

 

Loading...