إعداد حلمي موسى
رفض كابينت الحرب الإسرائيلي في اجتماعه ليلة أمس توسيع تفويض وفده إلى مفاوضات تبادل الأسرى، ووافق على انتظار رد جديد من حركة حماس سيصل عبر الوسطاء خلال اليومين المقبلين. وأعلن مسؤول إسرائيلي رفيع المستوى “أنه في ظل ظروف معينة من الممكن التوصل إلى اتفاق، رغم المصاعب”. وفي هذه الأثناء تواصل إسرائيل تهديداتها باجتياح رفح في ظل اعتقاد لدى البعض بأنها جزء من الضغوط على المفاوض الفلسطيني خصوصا بعد إعلان الرئيس بايدن أن مهاجمة رفح “خط أحمر” من دون خطة موثوقة لإجلاء المدنيين.
وأشار موقع “واينت” إلى أن كابينت الحرب ناقش مسألة صفقة التبادل. وقدمت الجهات الأمنية المشاركة في المفاوضات مطلبها بتوسيع ولاية الفريق المفاوض، لكن جميع أعضاء كابينت الحرب أجمعوا على رفض الاقتراح. وكانت إسرائيل قد أعلنت بعد جولة رئيس المخابرات المركزية الأميركية ويليام بيرنز، أن حماس تعمل على تشديد موقفها وأنها غير مهتمة بالتوصل إلى صفقة. وحسب مصادرها الإعلامية، فإن لحماس مصلحة في دخول شهر رمضان فيما يعاني شعبها والعالم يلوم إسرائيل.. “تعتقد حماس أنه كلما زادت معاناة شعبها، كلما زاد الضغط على دولة إسرائيل، وهي تتوقع أن الظروف في المفاوضات ستغدو أفضل، ولذلك في هذا الوقت لا تريد المضي قدما في التوصل إلى اتفاق، وجميع الوسطاء، وفي مقدمتهم الولايات المتحدة بما في ذلك الرئيس جو بايدن ونائبته كامالا هاريس، مجمعون على أن الاتفاق لا يتقدم بسبب حماس لا تريد ذلك، وليس لأن إسرائيل ليست مرنة في الشروط”.
وطبعا هذه ليست الفكرة العامة في إسرائيل حيث نشرت “معاريف” تقريرا يحمّل فيه عسكريون وسياسيون نتنياهو وأنصاره المسؤولية عن عرقلة المفاوضات. وربما أن هذا ما حدا بكثير من الأمنيين للتصريح بأنه لا تزال هناك فرصة لتحقيق اتفاق خلال شهر رمضان حول وقف النار وحول تبادل الأسرى. ومع ذلك تصر المصادر الإسرائيلية على أن أمريكا تضغط على كل من مصر وقطر للضغط على حماس لتليين موقفها وتقديم بوادر حسن نية على شكل تسهيل الإفراج عن النساء والمسنين والمرضى.
وبحسب صحيفة “العربي الجديد” فإن ويليام بيرنز ناقش في جولته، بين أمور أخرى، إمكان التوصل إلى وقف قصير لإطلاق النار، يتم خلاله تمهيد الطريق أمام المفاوضات. وقال مصدر مصري للصحيفة إنه خلال جولة بيرنز دارت نقاشات حول صيغة تقضي بإلغاء الالتزام بقائمة المختطفين الأحياء، على أن تقدم حماس قائمة أولية تتضمن أسماء المحتجزين لديها فقط ، أو فقط المحتجزين الذين تعرف أنهم على قيد الحياة.
أما موقع “والا” فأشار إلى أنه بسبب الضغوط التي تمارسها قطر ومصر على حماس، أوصى رؤساء الفريق الإسرائيلي المفاوض مجلس الوزراء باستنفاد هذه الخطوة والانتظار يومين أو ثلاثة أيام أخرى للحصول على رد حماس. وادعى الجنرال نيتسان ألون أنه إذا استمر المأزق، فسيتم وينبغي النظر في تغيير ولاية فريق التفاوض. واعتمد مراسل الموقع باراك رافيد، في خبره هذا على ثلاثة مصادر مطلعة على مضمون ما جرى.
وكتب رافيد أن رئيس الموساد دادي برنيع، ورئيس الشاباك رونان بار، وممثل الجيش الإسرائيلي اللواء نيتسان ألون، أوصوا بالإجماع كابينت الحرب، بالانتظار بضعة أيام أخرى لفحص ما إذا كانت حماس ستعود بإجابة جديدة من شأنها أن تسمح بالتقدم نحو مفاوضات أكثر جدية وتفصيلا بشأن التوصل إلى اتفاق. وحسب رافيد فإنه خلال عطلة نهاية الأسبوع، وفي أعقاب محادثات رئيس المخابرات المركزية ويليام بيرنز في الدوحة والقاهرة، عقد الوسطاء جولة أخرى من المحادثات مع حماس ومارسوا ضغوطًا إضافية.
وقال: أبلغ القطريون والمصريون إسرائيل بالجهود التي يبذلونها، وطلبوا من إسرائيل عدم اتخاذ أي إجراء والانتظار لمعرفة ما إذا كانت الجهود ستؤتي ثمارها.
وأضاف أن رئيس الموساد ديدي بارنيع، خلال اجتماع مجلس الوزراء، قال إنه من الأفضل الانتظار يومين أو ثلاثة أيام حتى تنتهي ضغوط الوسطاء. كما أوصى الجنرال نيتسان ألون بالانتظار، لكنه أشار إلى أنه من الممكن إذا استمر المأزق من المفيد النظر في توسيع ولاية فريق التفاوض بسبب الخطر المتزايد على حياة المختطفين.
لكن الوزير غادي آيزنكوت خلال الاجتماع قال إنه يتعين على إسرائيل اتباع نهج أكثر استباقية لمحاولة إخراج المحادثات من المأزق الذي تعيشه حاليا. وقال رئيس الوزراء نتنياهو ووزير الدفاع غالانت والوزيران ديرمر ودرعي إنه من الصواب الانتظار بضعة أيام أخرى قبل النظر في أي تغيير في السياسة. وشدد الوزير بيني غانتس في المناقشة على أن البعد الزمني يلعب دورا مهما عندما يتعلق الأمر بحياة المختطفين، لكنه وافق أيضا على الانتظار بضعة أيام للحصول على إجابة حماس.
من جهة اخرى يتصاعد التهديد الإسرائيلي باجتياح رفح في ظل تناقض التقديرات حول جديته. وفيما يعلن نتنياهو أن عدم اجتياح رفح يعني خسارة الحرب يشير آخرون إلى أن القوة العسكرية الموجودة في القطاع الآن ليست قوة قادرة عى مناورة برية في رفح. وفضلا عن ذلك فإن هناك خلافا حول الوقت الذي يستغرقه إخلاء رفح من المدنيين لمنع صدام محتمل مع إدارة بايدن التي أعلنت أن هجوما على رفح من دون إخلاء المدنيين يعتبر “خطا أحمر”.
وفي هذه الأثناء تحاول إسرائيل بلورة تصور عما تريد في غزة بعد انتهاء القتال. وحسب المراسل العسكري لموقع “والا”، أمير بوحبوط، فإن الجيش يرى مواصلة ضرب حماس إلى أن يغدو بالإمكان الحديث عن قوة بديلة تحكم هناك. ويعترف المراسل بأن إسرائيل لم تعثر حتى الآن على أية قوة بديلة ولم تجد الجمهور الذي تريده أن يثور على حماس. وبحسب التقديرات فإن اغتيال السنوار أو اعتقاله وحده هو الذي سيزيد من محاولات الشارع الفلسطيني تحدي حماس. ويعتبر أن العائلات التي راهنت عليها إسرائيل للحلول مكان سلطة حماس غير مناسبة. ومع ذك يقول الجيش إنه عازم على الإطاحة بحكم حماس بمعزل عمن سيحل مكانه.
وحسب “والا” يرفض الجيش الإسرائيلي “الادعاء بوجود مجاعة في غزة”، ويصر على أن حماس تحاول خلق رواية لتجويع السكان في غزة. ويزعم الجيش أيضًا أن حماس تمارس ضغوطًا كبيرة في عدد من المواقع لمنع المناورة البرية نحو رفح. ويقدر الجيش الإسرائيلي أن عملية إخلاء رفح ستستمر عدة أسابيع، إذا بدأت مناورة برية.