منذ أن صار عندنا سلطة تديرها حكومات بلغ عددها تسعة عشر، والجمهور يقوّم أداء الحكومات على ضوء الإنجازات، ولسوء الحظ ولسوء الأداء ولسوء الحالة السياسية، لم تفز أي حكومة بثقة الجمهور، ولم يتجاوز أي رئيس حكومة العشرة بالمائة إيجاباً في استطلاعات الرأي.
الوضع ازداد سوءً.. منذ لم يعد لدينا مجلس تشريعي يمنح أو يحجب الثقة، يحاسب ويسائل، وأحياناً يُسقط حكومة حتى في زمن عرفات، الذي كان منتخباً ويرأس حكومات منتخبة.
قرأنا على واجهات الصحف، تكليف محمد مصطفى تشكيل حكومة تكنوقراط تجمع الفصائل!! وهذا وصف متناقض لحكومة لم تتشكل بعد..
لنعتبر هذا الوصف صحفياً فنقرأ تلخيصاً لمهماتها بالعناوين..
لاشك في أنها عناوين جذابة، وعدت كل الحكومات التي سبقتها بإنجازها إلا أنها لم تفعل.. بدليل ما نحن فيه الآن.
المهمات الملقاة على عاتق الحكومة "قيد التشكيل" ولكي لا تظل مجرد عناوين دعائية روتينية، تحتاج لكي تبدو جدية أن تجيب الحكومة العتيدة عن سؤال من كلمة واحدة.. كيف؟
الجمهور الذي فقد حماسته للحكومات بفعل تجاربه المريرة معها، سيضع الحكومة الجديدة تحت الاختبار، ومقياس النجاح من السقوط سيكون.. هل سيرى وحدة للضفة وغزة بعد فشل دام أكثر من ستة عشر سنة؟ وهل سيرى وزرائها يقودون جهود الإغاثة ليس بالمراسلة وإنما من قلب غزة؟ وهل سيرى إعادة إعمار غزة بقيادة الحكومة؟
أمّا حكاية اصلاح مؤسسات السلطة، فالجمهور يسامح الحكومة في هذا المجال، الذي هو من اختصاص البرلمان الملغي!