موازنة الإبادة الجماعية الإسرائيلية لعام 2024

 

تعكس الموازنات الإسرائيلية السنوية الاعتيادية، بعض السياسات والاجراءات الاقتصادية المنوي تطبيقها خلال السنة المالية المحددة، وأظهرت التوجهات من خلال الأدوات المالية المستخدمة للحد من بعض الأزمات المالية وخدمة الاستراتيجية العليا للدولة المارقة، ولم تخرج موازنة إسرائيل المعدلة لعام 2024 عن السياق المذكور.

موازنة إبادة جماعية

في الوقت الذي تقوم فيه إسرائيل وجيشها وأذرعها الأمنية بعملية إبادة جماعية ممنهجة بحق الشعب الفلسطيني في كافة أماكن تواجده، تمّ التصويت أخيراً بالقراءة الثانية والثالثة وبأغلبية 63 صوتاً ومعارضة 55 من أصل 120 نائباً، صادق الكنيست الإسرائيلي (البرلمان)، مساء الأربعاء، على مشروع قانون الموازنة العامة المعدلة بسبب الحرب لعام 2024، ومشروعات القوانين المرافقة لها، في ظل الحرب على الشعب الفلسطيني، والتوتر الأمني في الشمال مع حزب الله اللبناني. فبعد أكثر من 3 أسابيع، صادقت الهيئة العامة للكنيست اليوم، على التغييرات في ميزانية 2024، بما يتوافق مع احتياجات الحرب. وتحتاج مشروعات القوانين بالكنيست للتصويت عليها في 3 قراءات لتصبح قوانين سارية المفعول. وبسبب معارضة بعض أعضاء الائتلاف الحكومي، كانت هناك مخاوف في وقت سابق من عدم إقرار الميزانية، غير أنه تم التوصل لاحقاً إلى تفاهمات وصوّت معظم المعارضين من داخل الائتلاف لصالح الميزانية المعدلة. ومشروع القانون الذي صوت عليه أعضاء الكنيست هو مشروع قانون الموازنة الإضافية، الذي بموجبه سيكون سقف الإنفاق الحكومي لعام 2024 هو 584.1 مليار شيكل (160 مليار دولار) بعد نفقات الحرب، بزيادة إجمالية قدرها 70 مليار شيكل (19 مليار دولار)، مقارنة مع موازنة الأساس المصادق عليها في مايو/أيار 2023. وتنص الميزانية المعدلة على زيادة الإنفاق على الدفاع وتعويض الأُسر والشركات المتضررة من الحرب التي نشبت بعد عملية طوفان الأقصى، التي شنتها المقاومة الفلسطينية على قوات الاحتلال في غلاف غزة في السابع من أكتوبر/تشرين الأول الماضي. كما تتضمن الخطة زيادة مخصصات الصحة والتعليم والشرطة والرعاية الاجتماعية. سموتريتش: الميزانية المعدلة تهدف للفوز بالحرب ودعم قوات الاحتياط وتعزيز جبهة الوطن. وقد أكد وزير المالية سموتريتش بعد التصويت بأن "ميزانية الحرب المعدلة.. لها أهداف واضحة، وهي الفوز بالحرب ودعم قوات الاحتياط وتعزيز جبهة الوطن ومواصلة إنماء الاقتصاد الإسرائيلي". وبذلك تكون الموازنة الاسرائيلية خدمة لعمليات الإبادة الجماعية التي تقوم بها إسرائيل على مدار الساعة منذ تشرين اول /اكتوبر المنصرم.

بنود الموازنة

كان من أهم تداعيات العدوان الاسرائيلي على الشعب الفلسطيني، تراجع النشاط الاقتصادي وتالياً ارتفاع عجز موازنة متوقع في موازنة إسرائيل خلال العام الحالي 2024 يصل إلى

نسبة 6.6 في المائة من إجمالي الناتج المحلي، مقارنة بعجز مقدّر ما قبل العدوان على الشعب الفلسطيني نسبته 2.25 في المائة، وكانت إسرائيل وافقت العام الماضي على ميزانية لعامي 2023 و2024 لكن العدوان على غزة أحدثت هزة في المالية العامة للحكومة أدت إلى تعديل في الميزانية وإضافة نفقات لخدمة أدوات الاجرام العسكرية الإسرائيلية جنباً إلى جنب مع الإمدادات الأمريكية التي لم تتوقف البتة منذ تشرين أول /اكتوبر الماضي.

ولم تغب المزايدات السياسية حول الموازنة، حيث اتهم زعيم المعارضة الإسرائيلي يائير لابيد خلال حديثه أمام الكنيست ائتلاف رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو بالتخلي عن عوام الإسرائيليين، وقال إن العامة هم من سيدفعون ثمن إخفاقات الحكومة.

والواضح من بنود الموازنة الإسرائيلية، ومن تبعات القراءات الثانية والثالثة والموافقة والتصديق على الموازنة الاسرائيلية المعدلة  للعام الحالي 2024  ، أنها أخذت بعين الاعتبار تراجع الأداء الاقتصادي الإسرائيلي بسبب استمرار العدوان على قطاع غزة والخسائر الإسرائيلية المتراكمة، واللافت أن نسبة كبيرة من النفقات في الموازنة الإسرائيلية  خصصت للجيش والأجهزة الأمنية ولوزارة الحرب، وهي بذلك موازنة استمرار للحرب بامتياز، فضلاً عن كونها موازنة للاستيطان وجذب مزيد من  المهاجرين اليهود من دول العالم المختلفة، حيث يعتبر رأس المال البشري اليهودي هو الأساس في الاستراتيجية العليا للدولة المارقة إسرائيل، وللأدوات المختلفة التي تخدمها ومنها الموازنة الإسرائيلية السنوية؛ واللافت أنه خلال رصدي ومتابعتي وقراءتي للموازنات الإسرائيلية لسنوات طويلة  ونشرتها في صحيفتي السفير والنهار اللبنانيتين، توضح تخصيص نسبة أكثر من 25 في المائة منها لوزارة الحرب والأذرع الأمنية الإسرائيلية، الأمر الذي يؤكد بأنها موازنات إبادة جماعية لم تتوقف بحق الشعب الفلسطيني والعدوان على الدول العربية.

 

Loading...