هل نكفر؟

 

أمام ما يجري لنا في غزة والضفة ولبنان، وفي دول الأشقاء والأصدقاء والأعداء، نقف مرة أخرى لنسأل أنفسنا: هل ينبغي حقا أن نؤمن بشيء؟! هل هناك حقا عرب ومسلمون؟! هل هناك ديمقراطيات قائمة وراسخة؟! هل يوجد في الأرض من يتبنى بالفعل حقوق الإنسان؟!

أسأل نفسي كفلسطيني: هل أنا حقا إنسان؟!

كل ما حولنا يخرجنا من نطاق التعريف، ويعتبرنا كائنات زائدة وغير منسجمة جينيا مع باقي سكان الكوكب.

هل نحن كائنات فضائية؟! ومن أي كوكب جئنا؟! ولماذا لا نقبل الانصهار في هذا التشكيل البشري، ونصر على العزف المنفرد بعيدا عن أوركسترا كونية تختلط فيها أصوات القمع والذل والخنوع والوهم والبله الوطني؟!

أسئلة كثيرة يحتاج الرد عليها إلى جرعة كبيرة من الجرأة والوضوح والتحرر من الشعارات الكاذبة، ومن حصار الخوف من المجهول.

في الواقع لم يعد هناك مجهول. كل شيء واضح ومعروف وصريح ووقح.

موتنا ليس مجهولا، وشهداؤنا كانوا يحملون أسماء واضحة، ومن يقتلوننا أيضا معروفون ويحملون أسماء كريهة ونتنة، ورعاتهم أيضا معروفون وإن كانوا مصابين بالخرف أو عقدة اللون أو عقدة الذنب أو الحنين إلى أجدادهم المهزومين. وأشقاؤنا أيضا معروفون وإن كان لدينا شعور مبرر بأن الكثيرين منهم أولاد حرام.

دعونا نذهب في السؤال إلى ما هو أبعد من إجابته. هل يرضينا ما نحن فيه؟!

دعونا نعترف بملء الفم بأننا راضون، لأن ما يجري رغم فداحة أثمانه، يخرجنا من تصنيف البلهاء، ويميزنا بالفعل عن الآخرين، ويحررنا من موروث موهوم بالعمق العربي والإسلامي، كما يجنبنا خطر الرهان على الشرعية الدولية وكل القيم الساقطة التي يروجها محترفو الكذب الذين يحملون ألقابا سياسية.

وإذا كان لا بد من الإيمان، دعونا نؤمن فقط بالله وبأننا فلسطينيون. أما كل ما تقدم فقد حان الوقت للمجاهرة بكفرنا به.

هذا موقف شفهي، لكن الرد العملي سيكون بأيدي أولاد وأحفاد مدججين بالحقد المقدس على من قتلونا ومن صمتوا على قتلنا وتواطئوا معه.

Loading...