بقلم: نير حسون
عشرات آلاف الفلسطينيين شاركوا في صلاة يوم الجمعة الأول في شهر رمضان في الحرم. خلافا للتخوفات ورغم دعوة حماس وتهديد وزير الأمن الوطني إيتمار بن غفير إلا أن الصلاة مرت بهدوء، سواء في الحرم أو في محيطه.
عمليا، هذا لم يكن فقط يوم الجمعة الأكثر هدوءا في شهر رمضان منذ سنوات، بل كان أيضا يوم الجمعة الأكثر هدوءا في البلدة القديمة منذ اندلاع الحرب.
الهدوء هو دليل آخر على ادعاء الخبراء والمهنيين في جهاز الأمن وعدد غير قليل من الجهات الفلسطينية الذي يقول إن التوتر في الحرم ينبع من محظورات الشرطة التي تفسر كتهديد لمكانة المسلمين في الحرم، وأنه إذا سمحت الشرطة بالصلاة هناك بشكل حر فإن التوتر سينخفض.
في النقاشات التي جرت في الكابينيت الأمني قبيل شهر رمضان رفض بن غفير هذه الفرضية ودعا إلى مواصلة القيود على الدخول إلى الحرم وحتى توسيعها.
بعد الجلسة الأولى التي تناولت الموضوع تم التسريب بأن رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو يوافق على موقف وزير الأمن الوطني، وأنه ليس فقط سيتم فرض القيود، بل هي أيضا ستكون سارية على المواطنين العرب الإسرائيليين.
بعد التسريب من الجلسة الثانية حول هذا الموضوع بأن القرار سينقل من يد وزير الكابينيت، هاجم بن غفير قرار "الانجرار وراء تصور بني غانتس الذي يفيد بأن الهدوء يتم التوصل إليه عن طريق التراجع والخضوع للإرهاب"، القصد هو "نقل الصلاحيات التي توجد لوزير الأمن الوطني إلى يد كابينيت التصور".
في الصلاة الأولى للتراويح في شهر رمضان في يوم الأحد واصلت الشرطة سياستها الثابتة منذ بداية الحرب: حظر دخول الشباب إلى الحرم. مئات الشباب تم دفعهم إلى الخلف وعلى الأبواب كان ضغط ورجال الشرطة استعملوا الهراوات لتفريق الجمهور والغضب ازداد وتراكم.
في نفس الليلة نشر الفيلم الذي أثار عاصفة، الذي ظهر فيه رجال الشرطة وهم يضربون المصلين في باب القطانين.
في اليوم التالي تغيرت السياسة – رجال الشرطة تراجعوا وسمحوا لكل من يريد بالدخول. صلاة التراويح في هذا الأسبوع كانت الأكبر مما نذكر في شهر رمضان والأكثر هدوءا. عشرات آلاف الأشخاص وصلوا في كل مساء إلى المسجد ولم يقم أحد بوقفهم أو إزعاجهم، وبعد انتهاء الصلاة تفرقوا بهدوء. وحتى عندما قتل فتى ابن 12 سنة في مخيم شعفاط بنار رجال الشرطة فإن البلدة القديمة بقيت هادئة.
مع ذلك التوتر قبل صلاة يوم الجمعة كان مرتفعاً. حماس نشرت دعوة للفلسطينيين دعتهم فيها للمجيء إلى الحرم والتمترس فيه، وتجربة الماضي تعلمنا أنه في أيام الجمعة في رمضان تقريبا دائما تكون مواجهات في الحرم أو في محيطه.
حقيقة أن الفلسطينيين في صباح يوم الجمعة استيقظوا على الأنباء من غزة عن عشرات القتلى في طابور للمساعدات، والشائعات التي نشرت أمس عن بوابات جديدة ستقيمها الشرطة على أبواب الحرم، لم تساعد في تهدئة النفوس. الشرطة استعدت بقوات كبيرة بشكل خاص، 3 آلاف شرطي تم نشرهم في البلدة القديمة ومحيطها.
لكن أيضا في يوم الجمعة اختارت الشرطة أو حصلت على تعليمات بأن لا تصغي إلى الوزير المسؤول عنها.
البوابات الجديدة تبين أنها حواجز لرجال الشرطة أنفسهم التي أغلقوها خلفهم وسمحوا لكل من أراد بزيارة الحرم.
أيضا في الجيش لم يصغوا لبن غفير وسمحوا لآلاف المصلين من الضفة بالدخول إلى القدس.
وقد تجمع في الحرم عشرات آلاف المصلين، وفي الأوقاف قالوا إن العدد وصل إلى 80 ألف شخص. حتى لو أن الأمر يتعلق بمبالغة فإن هذه ما زالت صلاة كبيرة جدا. بن غفير حاول الإقناع بأن الفلسطينيين يخافون منه، ونشر للمراسلين إحاطة تفيد بأنه جاء فقط 16 ألف شخص. ولكن كان يصعب العثور على أي أحد يتعامل مع ذلك بجدية.
من تجربة الماضي على الأغلب الأوقات المتوترة في الحرم تكون بعد ذهاب المصلين كبار السن، عندها يبقى في الحرم الشباب الذين يطلقون النداءات ويلوحون بأعلام حماس.
هذه السنة هذا الأمر لم يحدث. "لم نرغب بأن نعطي بن غفير أي ذريعة"، قال مصدر فلسطيني رفيع في المدينة.
في القدس، مثلما في القدس، دائما من المبكر الاحتفال بالهدوء. حقيقة أنه لا يوجد شعور بالتهديد على الوضع الراهن في الحرم، تقلل في الواقع من خطر موجة عنف كبيرة. ولكن هذا لا يعني أي شيء بخصوص محاولة "مخربين" أفراد تنفيذ عمليات في المدينة.
الصور من غزة والإحباط من جوع السكان في شهر رمضان يمكن أن تدفع الشباب اليائسين إلى تنفيذ عمليات متطرفة. ولكن الآن يمكن الإعلان بأن الصلاة الحاشدة والهادئة هي انتصار لسواء العقل وكل من يؤمن بأن القدس ليست فقط ساحة مواجهة للعبة مجموعها صفر بين المتطرفين، بل هي أيضاً مدينة مقدسة يمكن أن تعرض القليل من العزاء في الأوقات الصعبة.
عن هآرتس