بقلم: آفي يسسخروف
المشكلة الأمنية الكبرى لدولة إسرائيل في قطاع غزة ليست رفح بل ما بعد رفح، كما يقولون بالعربية.
آجلا أم عاجلاً، إذا لم يخف نتنياهو من رد فعل الأسرة الدولية، سيبدأ الجيش الإسرائيلي إخلاء السكان المدنيين من المدينة ومحيطها، بكل الـ 1.5 مليون فلسطيني الذين وجدوا فيها ملجأ.
ليس واضحاً متى تبدأ العملية العسكرية نفسها، بمعنى العملية البرية التي تستهدف تطهير المدينة من وجود كتائب حماس النظامية.
يحتمل أن ينتظر الدخول البري المكثف حتى نهاية رمضان والإخلاء فقط يبدأ هذا الشهر، يمكن التقدير بأن الأمر منوط بنتائج المفاوضات مع حماس حول الصفقة.
العملية في رفح هي إحدى العصي القليلة التي لدى إسرائيل لتلوح بها فوق رأس حماس وعليه فيحتمل أن يسرع تفجير المحادثات الاستعدادات لرفح مثلما سيسرع العملية نفسها أيضاً.
إذا نجح إخلاء السكان، فإن الدخول البري سيكون أقل تعقيداً من ذاك الذي كان في خان يونس، حيث عملت الكتائب الأكثر نخبوية لحماس وهناك كانت منظومة دفاعها كثيفة على نحو خاص.
أما في رفح فالقصة مختلفة قليلاً. الكتائب تعد نخبوية أقل، السكان المحليون معروفون في انتمائهم العشائري والتنظيمي الأقل، بعض من العشائر بدوية ومنطقة الحدود على الأقل سيئة السمعة بسبب كونها مركزاً لنشاط جنائي ولا سيما في التهريب.
بمعنى أنه يمكن الأمل هنا في عملية عسكرية تصطدم بمقاومة أقل من تلك التي كانت في خان يونس أو الشجاعية.
وعندها يُسأل السؤال، ماذا إذن؟ عملياً الحسم العسكري لحماس كمنظمة حرب عصابات شبه عسكرية، سينتهي بعد رفح. ولن تكون لحماس كتائب قتالية للصدام مع الجيش الإسرائيلي.
إسرائيل ستجد قطاع غزة عديم الأهداف الواضحة للاحتلال والتطهير وستنشغل بإدارة قتال ضد نشطاء "إرهاب" يطلون بين الحين والآخر ومحاولة ملاحقة القوات المقاتلة وكل هذا دون أن تكون إسرائيل نجحت في أن تخلق على الأرض بديلاً حقيقياً لحماس.
إن تصميم رئيس الوزراء على الامتناع عن بحث حقيقي، واقعي، في "اليوم التالي" لرفح، من شأنه أن يدخل إسرائيل إلى مشكلة سياسية وعسكرية، إلى وحل ليس واضحاً كيف ستخرج منه.
بدلاً من أن يبني منذ الآن بديلاً لحكم حماس، في شكل قوى من السلطة الفلسطينية إلى جانب قوى حفظ نظام عربية ودولية، نتنياهو يقود إسرائيل إلى طريق مسدود، إلى حائط سنصطدم بها عاجلاً أم آجلاً.
لن يكون من يدير الكهرباء، المياه، المجاري والرفاه لمليوني فلسطيني، وإلى داخل هذا الفراغ ستسير مرة أخرى حماس أو جماعات مسلحة متطرفة أخرى إلى جانب الكثير من مؤشرات الفوضى.
هذا هو الواقع الذي يسجل الآن في شمال القطاع، هذا هو الواقع الذي أعاد الجيش الإسرائيلي للعمل في نطاق مستشفى الشفاء في غزة.
حماس تعود إلى الأماكن ذاتها التي خرج منها الجيش الإسرائيلي وتستعرض حوكمة في هذه المناطق، قوات حفظ النظام من حماس تعمل في هذه المقاطع بل وتحاول التحكم بتوزيع المساعدات.
بمعنى أن إسقاط حكم حماس لم يتحقق وأساساً في ضوء حقيقة أن إسرائيل لا تحاول حتى طرح بديل لحماس.
الهدف في العملية في الشفاء كان ضرب بعض المسؤولين الكبار بمن فيهم فائق المبحوح، المسؤول الكبير في جهاز الأمن الداخلي للمنظمة وشقيق محمد المبحوح الذي صفي في بداية 2010 في دبي.
التقيت فائق المبحوح في 2007 في السجن الإسرائيلي قبل لحظة من تحرره.
بعد أن عثر على جثة أخيه ولم يكن بعد يقين إذا كان صفي ومن صفاه، أقام فائق المبحوح معي اتصالاً وروى لي أن شقيقه اجتاز في الماضي عدة محاولات تصفية.
ادعى أنه تبينت على جثة أخيه علائم عنف رغم أن هذا لم يكن.
بعد تصفية الشقيق رفع بسرعة في أجهزة أمن حماس وبات مسؤولاً من المنظمة عن الإشراف على المساعدات في شمال القطاع.
في نهاية الأمر، نجح الشاباك والجيش في الوصول إليه أيضاً.
عن يديعوت أحرونوت