بقلم: أسرة تحرير هآرتس
أفاد بنيامين نتنياهو، يوم الخميس، بأنه قال لوزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن – الذي جاء إلى إسرائيل لتحذيرها من الدخول إلى رفح، انه "ليس لنا سبيل للانتصار على (حماس) دون الدخول إلى رفح وتصفية ما تبقى من كتائب هناك. وقلت له، إني آمل أن نفعل هذا بدعم من الولايات المتحدة، لكن إذا اضطررنا فسنفعل هذا وحدنا". أقواله هذه، مثل باقي الأقوال المتبجحة العليلة لوزراء في حكومته، ممن يدعون "سنتدبر أمرنا بدون الولايات المتحدة"، "سنقاتل بالعصي عند الحاجة"، فإنهم يواصلون المخاطرة بالحلف الأهم لإسرائيل – سندها الاستراتيجي منذ الستينيات. إن الحلف مع الولايات المتحدة هو مضاعف قوة الأمن القومي لإسرائيل، مدماك مركزي في ردعها ومظلتها السياسية، لكن هذا لا يمنع نتنياهو من التشكيك بها على نحو منتظم وعديم المسؤولية منذ اكثر من عقد – في سلسلة طويلة من المناوشات الزائدة مع رؤساء أميركيين، في مواجهات علنية عديمة الجدوى والهدف، في المس بالدعم من الحزبين وأخيرا في وضع علامة استفهام حول القيمة الاستراتيجية الحقيقية لإسرائيل من ناحية الولايات المتحدة ومنظومة مصالحها.
على مدى السنين، ساعدت الولايات المتحدة إسرائيل تراكميا بأكثر من 150 مليار دولار، بما في ذلك منحة عسكرية سنوية بمقدار 3.8 مليار دولار، جعلتها "حليفا مركزيا ليس عضوا في (الناتو)"، ومنحتها قدرة وصول خاصة وأولية لأسلحة وتكنولوجيات أميركية متقدمة. على مدى سنوات تثبيت الحلف، قدست إسرائيل مبدأ سياسيا أساسيا: البقاء في الإجماع ونيل الدعم من الحزبين. أما نتنياهو فيحطم هذا المبدأ بفظاظة وبغرور. وفي ادعاء بالحق اتهم السيناتور اليهودي تشاك شومير، زعيم الأغلبية الديمقراطية في مجلس الشيوخ بأنه في نقده وفي دعوته للانتخابات فإنه يتدخل في شؤون إسرائيل الداخلية. وهذا هو نتنياهو نفسه الذي تدخل بفظاظة في السياسة الأميركية المرة تلو الأخرى.
رغم دعم الرئيس جو بايدن غير المسبوق لإسرائيل منذ 7 أكتوبر، فإن نتنياهو يتجاهل مصالح الولايات المتحدة ومصالحها، يتجاهل النقد الذي تعرضت له على دعمها لإسرائيل، يتجاهل الثمن السياسي الذي يدفعه بايدن، وأساسا يرفض الدخول مع الولايات المتحدة في حوار عن "اليوم التالي" في غزة، وعن مبنى امني – سياسي جديد في الشرق الأوسط، يندرج الفلسطينيون فيه. بدلا من هذا يناكف نتنياهو بايدن علنا على "عملية في رفح" ويتجاهل تحذيرات الولايات المتحدة عن الثمن الدولي الذي سيجبى من إسرائيل. في نظر الولايات المتحدة، إسرائيل كانت ولا تزال حليفا، لكن نتنياهو صار عبئا. طالما كان في الحكم ستواصل إسرائيل دفع الثمن على غروره السياسي. ويعد هذا ضررا جسيما، يضاف إلى باقي الأضرار الكثيرة التي ألحقها نتنياهو بإسرائيل. هو ملزم بالرحيل.