بقلم: ألوف بن
تقف مشكلة اللاجئين في مركز المفاوضات الحالية بين إسرائيل وحماس. هل ستسمح إسرائيل للفلسطينيين بالعودة الى شمال القطاع، الذي تم طردهم منه في بداية الحرب، أم أنه سيتم طردهم من هناك الى الأبد والمنطقة تبقى تحت سيطرتها. من هذا النقاش يشتق ايضا النقاش العام الحالي في اسرائيل: هل نعيد شمال القطاع للفلسطينيين مقابل المخطوفين، كما تطلب احزاب الوسط. أو نتنازل عن المخطوفين ونتمسك بالارض كي نقيم عليها مستوطنات يهودية، حسب موقف اليمين المتطرف.
العملية الاستراتيجية الرئيسية لإسرائيل في حرب 7 اكتوبر هي طرد سكان شمال القطاع وهدم البيوت والبنى التحتية. من غير الواضح اذا كان رئيس حماس، يحيى السنوار، قدر من البداية بأن اسرائيل سترد بهذا الشكل على المذبحة التي بادر اليها ونفذها ضد سكان الغلاف أو أنه تفاجأ من شدة الرد ومن السهولة التي قامت فيها اسرائيل باخلاء غالبية السكان الفلسطينيين من هناك، ومن بقوا هناك يهددهم خطر الموت والجوع. أضافت إسرائيل للطرد والدمار خطوات اخرى، تعرية المنطقة القريبة من الحدود التي ستقام عليها المنطقة العازلة الخالية من الناس والمباني، شق طريق "التقسيم" في وسط القطاع، الذي يمكن أن يستخدم كخط فاصل مستقبلي بين شمال غزة الاسرائيلي والجنوب الموجود تحت سيطرة حماس. هذه الخطوات جرت بدون ضجة اعلامية، وبيانات الجيش الاسرائيلي ومعظم التقارير في وسائل الاعلام الاسرائيلية تركز على نشاطات تكتيكية – عدد القتلى من المخربين وعدد الانفاق التي تم تدميرها وعدد المشبوهين الذين تم اعتقالهم.
الآن تقترب ساعة الحسم. هل سيتم تحويل الطرد الى واقع دائم أو سيتم إعطاء لاجئي شمال القطاع حق العودة الى بيوتهم. نكبة الفلسطينيين في 1948 حدثت عندما قررت إسرائيل برئاسة دافيد بن غوريون منع عودة اللاجئين الفلسطينيين الذين هربوا أو تم طردهم من المدن والقرى اثناء المعارك. ابقاء اللاجئين في الخارج القائم حتى الآن مكن من اقامة دولة اسرائيل في حدود الهدنة من العام 1949. خلال بضع سنوات تم هدم مئات القرى العربية واقيم مكانها بلدات يهودية. احفاد اللاجئين الفلسطينيين الذين تم ابعادهم في 1948 الى قطاع غزة والضفة الغربية والاردن وسورية ولبنان يواصلون من هناك النضال ضد اسرائيل.
يقف هذا الحسم الآن امام رئيس الحكومة، بنيامين نتنياهو، وكالعادة هو يحاول الجلوس على الجدار وكسب الوقت، في حين أن الجيش الاسرائيلي يستمر في اقامة المنطقة العازلة على طول الجدار ويطرد من شمال القطاع جزءا من السكان الذين بقوا هناك، والذين ترفض إسرائيل إدخال المواد الغذائية لهم عبر المسار السريع في معبر ايرز، متجاهلة الضغط الدولي والتحذيرات من الجوع.
رسائل نتنياهو متناقضة. عشية النقاشات الدولية في لاهاي حول اتهام إسرائيل بالإبادة الجماعية اعلن "نحن لن نحتل القطاع بشكل دائم ولن نطرد السكان الفلسطينيين". في بداية الحرب نفى نتنياهو استئناف الاستيطان اليهودي في قطاع غزة، لكن منذ ذلك الحين اعطى الدعم الصامت لمبادرات اليمين المتطرف، التي جرت ايضا كثيرين من الليكود. رفض نتنياهو لسيطرة فلسطينية مستقبلية في القطاع وتصريحاته في وسائل الاعلام الأميركية ("سنبقى في غزة عشر سنوات على الاقل") وسلوكه في المفاوضات مع "حماس"، كل ذلك يدل على أنه يمتنع في هذه الاثناء عن الحسم، وعلى الاقل يبقي خيار الاحتلال والاستيطان على جدول الاعمال.
نتنياهو يعرف التاريخ: بن غوريون صمد خلال سنين امام ضغوط دولية شديدة لإعادة اللاجئين أو جزء منهم، الى أن تعودوا في العالم على ذلك. هذا ايضا هو موقف اليمين في إسرائيل: بضع دونمات للاستيطان في غزة افضل من بضع أصابع عصبية في الأمم المتحدة أو في لاهاي. حسب رأيهم هذه المرة أيضاً لن يضطروا الى الانتظار سنوات كثيرة لحدوث الانقلاب. نتنياهو وشركاؤه يقدرون، لا نريد القول يأملون، أنه في تشرين الأول سيعود ترامب الى البيت الأبيض. ويصعب التصديق بأن ضائقة الفلسطينيين ستهمه، بالتأكيد بعد أن اظهر خصمه جو بايدن تجاههم مثل هذه الشفقة. واذا استطاعت اسرائيل المساعدة في عودة ترامب بخطوات تشجع الجالية المؤيدة للفلسطينيين في ولاية ميتشيغان على عدم التصويت للديمقراطيين، فهو سيشكر نتنياهو.
لكن نتنياهو لا يمكنه الانتظار حتى قدوم ترامب. الذي حتى لو فاز في الانتخابات فانه سيعود الى الرئاسة فقط بعد عشرة اشهر. هو بحاجة الى التقرير الآن طالما أن المفاوضات في الدوحة مستمرة. هل سيعيد المخطوفين الى بيوتهم، وهل سيعيد الفلسطينيين الى شمال القطع حتى بثمن الشرخ في الائتلاف، أو أنه سيستجيب لليمين المتطرف ويعلن عن خلق "مشكلة اللاجئين الفلسطينيين 2" ويستعد لإقامة المستوطنات الفاخرة، "معاليه شمشون" و"نئوت دليلة" بدلا من الشجاعية وجباليا والرمال. قرار مجلس الأمن حول وقف إطلاق النار فقط يزيد حدة النقاشات حول مستقبل شمال القطاع.
عن هآرتس