(3)
ثالثاً وتبقى الضفة الفلسطينية إلى جانب القدس، أحد أبرز العناوين في الصراع والصدام والمواجهة بين الفلسطينيين والإسرائيليين، وازداد حدة بعد تداعيات فشل مفاوضات مؤتمر كامب ديفيد في تموز 2000، الذي جمع الرئيس الراحل ياسر عرفات ورئيس حكومة المستعمرة يهود براك برعاية الرئيس الأميركي كلينتون، على أثر عدم التوصل إلى اتفاق حول مسألتي القدس واللاجئين، كان حصيلتها انفجار الانتفاضة الثانية، انتفاضة الأقصى في شهر كانون أول 2000، بعد اقتحام شارون حرم المسجد الأقصى، التي شكلت عامل استفزاز ومواجهة، دفعت أبو عمار نحو الانحياز لتفجير الانتفاضة الثانية، بهدف تغيير موازين القوى وتحسين شروط التسوية أمام الإسرائيليين، وحصيلتها أن شارون أعاد احتلال المدن الفلسطينية في أذار 2002 التي سبق وانحسر عنها الاحتلال، واغتيال أبو عمار بالسم، ومع ذلك رضخ شارون لأفعال الانتفاضة الثانية، ورحل عن قطاع غزة منفرداً بعد فكفكة المستوطنات وإزالة قواعد جيش الاحتلال في أيار 2005.
في أجواء هذه المواجهة استنفر الأردن داعماً ومسانداً للفلسطينيين، وتكريس التمثيل الفلسطيني، والإقرار بمكانة منظمة التحرير كممثل شرعي وقائد وطني موحد للشعب الفلسطيني، فكان لذلك الأولوية وهي أولوية دائمة لخيارات الأردن السياسية: الحفاظ على التمثيل الفلسطيني، وصمود الشعب الفلسطيني في وطنه، وعلينا أن لا ننسى نشيد حزب البيتار الليكودي الذي صاغه جابوتنسكي « ضفتان للأردن، هذه لنا وتلك أيضاً» ولذلك يعمل الأردن بكل سياساته ووعيه أن الأردن للأردنيين، وللأردنيين فقط، كما هي فلسطين لشعبها، للفلسطينيين، وبقاء القضية والعنوان الفلسطيني، داخل فلسطين، لا خارجها.
في التدقيق بمظاهر الوعي الأردني، ليس فقط على المستوى الرسمي الذي يعمل الأردن على دعم الفلسطينيين، من خلال: 1- الجبهة السياسية والدبلوماسية، 2- القوات المسلحة وخدماتها الطبية ومستشفياتها العسكرية العاملة في الضفة الفلسطينية: مستشفى نابلس ومستشفى جنين، وفي القطاع: مستشفى غزة ومستشفى خان يونس، 3- خدمات الاغاثة عبر الهيئة الخيرية الأردنية الهاشمية، وأفعالها في توجيه حملات الاسناد البرية والجوية لتوفير متطلبات الاغاثة عبر التبرعات المقدمة من المؤسسات والمواطنين، 4- مظاهر الاحتجاج الشعبية شبه الدائمة، في عمان بشكل خاص والمدن الأردنية تعبيراً عن التفاعل والضمير الأردني الداعم لفلسطين، والرافض لكل أشكال التطبيع مع المستعمرة.
إن التكامل الأردني والتوافق الرسمي الشعبي نحو فلسطين، يدلل على مدى الاحساس بالمسؤولية، والأدراك لأهمية الحفاظ على الأمن الوطني الأردني في مواجهة مخططات المستعمرة التدريجية، لفرض التوسع والاستيطان وبلع فلسطين، وإعادة رمي القضية الفلسطينية من خلال تهجير وتشريد شعبها خارج وطنها فلسطين، نحو الأردن، ولذلك يستدرك الأردن واجباته السياسية والأمنية الوطنية والقومية والدينية نحو فلسطين، عبر العمل المتواصل في إسناد الحضور الفلسطيني والبقاء والصمود في القدس والضفة الفلسطينية، كجزء أساسي وجوهري في فلسطين بما يتعارض ويتناقض مع أفعال ورغبات وسياسات الأئتلاف الذي يقود المستعمرة القائم على أن: 1- القدس الموحدة عاصمة للمستعمرة الإسرائيلية، 2- الضفة الفلسطينية ليست فلسطينية وليست عربية وليست محتلة، بل هي يهودا والسامرة أي جزء من خارطة المستعمرة، يجري العمل تدريجياً عبر التوسع الاستيطاني وتضييق فرص الحياة على الفلسطينيين بهدف أسرلتها وتهويدها وعبرنتها، وهذا ما يفرض على الأردن العمل بكل اسهاماته ووعيه ومؤسساته وشعبه ليكون الرافعة المتواصلة الداعمة لفلسطين، نحو الحرية والاستقلال والعودة.