إسرائيل فكرة استعمارية بامتياز والدين غطاء

من أجل فهم المشاركة الغربية في الحرب على الشعب الفلسطيني، لا بد من قراءة تاريخ الحركة التطهرية في أوروبا والتي كان لها الدور البارز في إنشاء الكيان الصهيوني على عكس ما يعتقد الكثيرون بأن الحركة الصهيونية هي التي عملت على إقامة الوطن القومي لليهود وبغض النظر في أي بقعة من الكون، هذا الاعتقاد نابع من تعرض اليهود للاضطهاد في أوروبا، لقد عمل  ثيودور هيرتزل مراسلاً لصحيفة نويه فراية بريسه في باريس فرنسا وكان مقتنعاً بأن اليهود الأوروبيين أمثاله يمكنهم التخلص من صفاتهم اليهودية المشينة، التي تسببت في أمد طويل من الفقر والقمع، ويمكن أن يصبحوا أهل أوروبا الوسطى المتحضرين، أناساً مثقفين على الطراز الألماني لكن حادثة الحكم على النقيب درايفوس وهتافات الفرنسيين حوّلته من صاحب فكرة الاندماج ومن ثم السيطرة إلى صاحب فكرة دولة يهودية.  

الحقيقة سبقت تشكّل الحركة الصهيونية بما يقارب قرنين ونصف من الزمن حين وفرت التصادمات العرقية العنيفة التي شهدتها إنجلترا وأوروبا الغربية، قُبيل وإبَّان حكم البيوريتانيين بزعامة أوليفر كرومويل، أجواءً مواتيةً لظهور حركات سلفية في أوروبا، متزمتة في رؤيتها الدينية والعرقية تميل في إيمانها إلى العقيدة الألفية التي يقوم دُعاتها التطهريين الإنجليز وغلاة يهود بنسبة أصولها اللاهوتية إلى نصوص في التوراة والتلمود. تُشيع مزاعم بعث المسيح ليلم شمل اليهود في الأرض المقدسة. هذه الدعوات والرؤى والمزاعم التي تحيد عن طريق الحق، خلقت أوهاماً وتوقعات زائفة رست على مذاهب جامدة أساسها بغضاء العرقية نتاج جشع عقلية استعلائية عقيدتها السيادة التي لا حدود لها دون اكتراث بالمجتمعات الأُخرى التي مدت يد العون إلى طوائف ينتسب لها من فرخوا مذاهب وتصورات عنصرية هزت العلاقة الإنسانية بين المجتمعات البشرية وخلقت فضاءً مملوءً بالريبة وعدم الثقة وكراهية الثقافات الأخرى.

هذه البدع الدينية والافتراءات التاريخية وأصلها اليهودي الألماني شبتاي صبي الذي أعلن نفسه المسيح المنتظر. ويُذكر أنه في وقت لاحق اعتنق الإسلام أمام السلطان العثماني محمد الرابع.

العقيدة الألفية وجدت لها تربة خصبة في حركة سياسية يهودية، ظهرت في إنجلترا عام1650، تزعمها اللاهوتي منشي بن إسرائيل حيث دعت إلى توطين اليهود في الجزر البريطانية توطئة لإعادتهم إلى فلسطين.

ثمة انسجام وتوافق بين حركة مناسح بن إسرائيل ودعوة التطهريين الإنجليز السماح لليهود بالعودة إلى إنجلترا كخطوة أولى على طريق توطينهم في فلسطين تحقيقا لنصوص سلخت من توراة مطعون في أصالتها الدينية والتاريخية وتنفيذاً لرغبة التطهريين بالربح الوفير والخلاص من اليهود في أوروبا. ومن أجل ذلك أصدر كرامويل مرسوم يقضي بالسماح لليهود بالعودة إلى إنجلترا كمرحلة أولى لشحنهم في السفن الإنجليزية والهولندية إلى فلسطين لتكون ميراثاً لهم إلى الأبد.

 

كلمات مفتاحية::
Loading...