إيران تنضبط بدقة

كما كان متوقعاً جاء الرد على عملية القنصلية ضمن رؤية إيران لوضعها الداخلي، ومسار علاقاتها نصف العلنية ونصف السرية مع أمريكا.

خطأ فادح أن يوصف التحرك البطيء وكثير العدد للمسيرات، ووصول بعض القذائف الصاروخية إلى إسرائيل، على أنه مجرد مناورة تقاس فاعليتها بحجم الدم والدمار الذي الحقته بإسرائيل، ذلك أن الأصح في التقويم قبل الوصف، أن نقلة ذات شأن في التعامل مع قواعد اللعبة التي حدودها عدم الانجرار إلى حرب إقليمية واسعة قد حدثت، وأن عملية كسر القواعد التي بدأها نتنياهو تمت على نحو جزئي وبوسائل وزمن محدودين، ولكن دون التمادي في اللعبة الخطرة إلى ما هو أبعد.

إيران فعلت ما تستطيع وبحسابات دقيقة، وتلقّت درساً عملياً، إذ واجهت في موقعة الصواريخ والمسيرات تحالفاً دولياً مضاداً رأس حربته أمريكا وبريطانيا وفرنسا، ما خفف عبء المواجهة عن إسرائيل.

ليفضي الأمر إلى تدمير المسيرات جميعاً دون أن تصل إلى أهدافها.

وباستثناء بنيامين نتنياهو، فقد حقق اللاعبون الأساسيون أغراضهم من أقصر عملية حربية شهدتها المنطقة وأقلها خسائر.

أمريكا استعادت دورها كمركز للحدث وأعادت بالاتفاق مع إيران "العفريت إلى القمقم" دون ضمانات كافية بأن لا يخرج منه ثانية.

وبريطانيا وفرنسا شاركتا في مجهود حربي سجل لهما أسهماً في شراكة الحرب والسياسة في المنطقة الخطرة.

وإيران.. زفّت إلى مواطنيها المحزونين والمحبطين بشرى تحديها لإسرائيل، كما وأراحت الأذرع من حمل ثقيل، محددة أدوارها في أضيق نطاق.

لن يتوقف نتنياهو عن لعبته المفضلة التي هي المؤهل الأهم لبقائه في المعادلة، وهي لعبة كسر القواعد وجر أمريكا إلى مواجهات أوسع وأفعل.

قد يهدأ قليلاً ولفترة محدودة إلا أنه سوف يواصل التربص لعل فرصة تسنح للمحاولة من جديد وإذا كان لابد من تحديد خاسر ورابح تبدو غزة أوضح الخاسرين.

 

Loading...