أصدقاء إيران أو من يسمون بالأذرع، وتجاوزاً يعتبرون أنفسهم حلفاء، ينتهجون سياسة شعارها "مع إيران ظالمة أو مظلومة"، ولقد تطور الأمر بفعل ضغط الحاجة إلى شعار آخر "مهما فعلت فهي المنتصرة دائماً"، إن بادرت بعمل عسكري حتى لو كانت نتائجه في غاية المحدودية، وحتى لو كان رداً على ضربات تلقتها، فهي صاحبة السبق التاريخي في تحدي إسرائيل وأمريكا والغرب كله، وإن صمتت على سلسلة اعتداءات راح ضحيتها إيرانيون، فهي سيدة الحكمة في تبنيها سياسة الصبر الاستراتيجي.
التغطية الإعلامية لكل ما هو إيراني واعتبار كل ما تفعل على أنه غير مسبوق، فهذا أمر لا جديد فيه، ولم تخترعه إيران ومن معها، بل هو نهج تبريري سار عليه غيرها في مسألة ادعاء النصر في جميع حروب الشرق الأوسط سواء كانت إسرائيل طرفاً فيها أو لم تكن.
يقابل هذا، أي على الطرف المناوئ لإيران سلسلة سخريات لاذعة، أساسها بيت شعر قاله المرحوم نزار قباني حين وصف الحالة العربية بعد هزيمة "عفواً" نكسة حزيران، "سيوفنا أطول من قاماتنا".
ومع الانتشار الضوئي لوسائل التواصل الاجتماعي وصلت حالة السخرية من إيران إلى مستوى غير مسبوق في التاريخ، مثلما وصلت التنظيرات "العبقرية الإيرانية" ذات المستوى من الانتشار.
إذاً نحن حيال ظاهرة سوداء تلف المنطقة بأسرها وهي ظاهرة قبلية وجاهلية بإمتياز، لا موضوعية فيها ولا حتى منطقية، فمن أواليه عظيم على الدوام ومنتصر على الدوام حتى لو هُزم، ومن أعارضه هو لا شيء ولا تجوز عليه غير السخرية، وهذه أقصى درجات تضليل وتخريب الرأي العام، الذي ما يزال يرى الأمور من زاوية واحدة "معاهم معاهم عليهم عليهم".
إيران ليست صفراً وليست عبقرية.
وخصومها ليسوا كذلك، وما دام السجال سيبقى على هذا المنوال فالكل مضلل والكل خاسر، والضحية دائماً هي الحقيقة.