بين سنغافورة وأقراص الفلافل

في مقابلة إذاعية مؤثرة بين الإعلامي جاكي خوري وأحد الغزيين الصامدين فوق ركام منزله، بثها راديو الشمس من الناصرة، لفتت النظر كيف استقبل أهل غزة عودة الفلافل إلى الأسواق، وصار بوسع المواطن الحصول على قرص منه.

وقبل الحرب قال أحد الغزيين إن حلاقة الشعر صارت بالتقسيط لعدم توفر الشواقل القليلة التي كانت تكلفها "الحلقة".

هل تذكرون حين وُعِدَت غزة بأن تكون سنغافورة الشرق الأوسط وكذلك الضفة، زمن غزة وأريحا أولاً؟

بالتأكيد من عاش تلك الفترة يذكر ذلك جيداً، ويذكر كذلك حين كانت أراضي السلطة الوطنية مزاراً لكل زعماء العالم الكبار، وفي مقدمتهم الرئيس الأمريكي بيل كلينتون وزوجته هيلاري، والمستشار الألماني هلموت كول، والرئيس الفرنسي جاك شيراك.

كم تغيرت الأمور منذ ذلك الوقت الواعد، إلى هذا الوقت.

المسافة صارت بعيدة بين سنغافورة وأقراص الفلافل..

عزائنا المبرر أن من حافظ على حلمه رغم كل هذا الذي تغير ولم يرفع الراية البيضاء مهما حدث، سيواصل اعتناقه لقضيته وسيرغم العالم يوماً على أن يثوب إلى رشده ويدعم خمسة عشر مليون انسان فلسطيني في حصوله على حقه في الحياة وتقرير المصير والحرية والكرامة.

غزة، التضحيات والصمود والمكابرة، أوقفت العالم كله حابساً أنفاسه من حرب إقليمية ربما تتطور إلى ما هو أوسع، فلسطين.. غزة والضفة والقدس، وناسها على أرض الوطن وفي المنافي صاغت للعالم معادلة لا فكاك منها..

لا استقرار ولا حتى هدوء في أخطر منطقة من العالم إن لم يوجد الحل الذي يرضى عنه الفلسطينيون ويعيشون معه، هذه حقيقة تكرست قبل حرب غزة وأثنائها وستظل بعدها.

Loading...