بقلم: شلومو غانور
نزعة الثأر ضد إيران ووكلائها وحّدت دولة إسرائيل في الأيام الأخيرة إلى مستوى لم نشهده هنا منذ زمن بعيد وعن حق. نحو 360 صاروخاً ومُسيّرة أطلقت نحو دولة إسرائيل شكّلت هجوماً جوياً لم تشهده دولة إسرائيل منذ عهدها.. هجمة وحشية كان فيها إعلان حرب يبرر رداً إسرائيلياً دون أي تردد. من هنا فإن السؤال هل سنهاجم ونرد؟ لا داعي له. هذا كما كنا سنسأل أنفسنا بعد 7 أكتوبر إذا كنا سندخل إلى قطاع غزة أم لا. حين يكون مهماً أن نذكر هنا، وأساساً للعالم الواسع، فإن إيران هي المحدثة والداعمة الأكبر للإرهاب التي تعمل منذ أكثر من 20 سنة لنيل سلاح نووي باستثمار مئات مليارات الدولارات، هي التي حرص زعماؤها ويحرصون على الإعلان بصوت عال من على كل منصة: "إسرائيل ستباد وهذه مجرد مسألة وقت إلى أن نستعيد بمعونة الجهاد الكرامة المداسة للشعب الفلسطيني المحتل والمضطهد".
على مدى السنين خلقت إيران حول دولة إسرائيل "خاتماً خانقاً" من الإرهاب والعداء بمعونة أذرع الأخطبوط مثل "حزب الله" في لبنان، "حماس" و"الجهاد الإسلامي" في غزة والضفة، الحوثيين في اليمن، والميليشيات الشيعية في سورية والعراق. كل هذا في ميل واضح "لخنق" دولة إسرائيل من كل الاتجاهات – وفي اللحظة المناسبة استخدام كل هذه الأذرع في ميل واضح لإبادة دولة إسرائيل.
في هذه الساعات التي بعد الهجوم الإيراني الفاشل بفضل سلاح الجو الرائع، التكنولوجيا والاستثمار الإسرائيلي الصحيح في الدفاع ضد الهجوم الجوي، والمساعدة الأميركية، والتحالف الذي بدأ يتبلور هنا حولنا - لا خلاف في أن إسرائيل لا يمكنها أن تمر مرور الكرام على هجوم غير مسبوق كهذا، ولا شك أن هذا هو الوقت الصحيح والمناسب للهجوم والثأر من إيران، وأساساً حين يميل بندول العطف والتعاطف في العالم الآن إلى جانب إسرائيل. الأسئلة الكبرى التي توجد من خلف النوايا والإرادات للعمل هي: كيف؟ أين؟ متى؟ وما الذي ستجلبه معها العملية التي ستنفذ؟
الميل الأول للعمل في ضوء كل هذا هو تصفية القدرة النووية الإيرانية، التي تشكل تهديداً وجودياً على دولة إسرائيل. تصفية تؤدي إلى تغيير ثوري في كل ما يرتبط بالتهديد الإيراني على أمن إسرائيل. لكن كما يبدو هذا في الواقع الحالي، دون مساعدة أميركية ودعم دول الكتلة السُنية حولنا، بما في ذلك الدعم الأوروبي، من الصعب أن نرى عملية كهذه تخرج إلى حيز التنفيذ. فالهجوم على أهداف في إيران من شأنه أن يجر ردود فعل إيرانية مضادة ستثقل فقط على وضعنا الأمني.
من هنا ينبغي التفكير من الرأس وليس من البطن. هذا يعني استغلال الوضع الحالي للهجوم على الذراع الإيرانية الأهم – منظمة "حزب الله" في لبنان التي تدير ضدنا منذ نصف سنة حرب استنزاف ضارية تسببت بنزوح نحو 100 ألف إسرائيلي من بيوتهم، وترك إقليم كبير مهم وجميل مهجوراً ومهملاً. هجوم مكثف على بنك أهداف لـ"حزب الله" في لبنان، والذي يوجد لدى شعبة الاستخبارات "أمان" سيؤدي إلى إبعاد منظمة الإرهاب إلى ما وراء الليطاني، سيحيّد تهديد قسم كبير من عشرات آلاف الصواريخ الموجهة نحو دولة إسرائيل، وأساساً سيعيد الحياة إلى شمال دولة إسرائيل إلى جانب سكانه الموزعين في أرجائها.
عملية ضد "حزب الله" يمكنها أن تدفع قدماً بتحرير مخطوفين في غزة، حين يرى السنوار ما حصل لـ"حزب الله" بينما إيران تقف جانباً بعد فشلها في الهجوم على إسرائيل، وسيفهم أنه ليس له من يستند عليه، وأن أيامه معدودة ونهايته قريبة، وأنه من الأسلم له التوجه إلى صفقة. ومن هنا، مرة أخرى – الخطوة الصحيحة والأكثر نجاعة للرد ضد إيران بحكمة ونجاعة قصوى هي مهاجمة "حزب الله" في لبنان.
عن معاريف