بقلم: روغل الفر
العقوبات التي فرضتها الإدارة الأميركية على كتيبة "نيتسح يهودا" بسبب خرق حقوق الإنسان في الضفة هي بمثابة القليل جداً والمتأخر جداً.
خلافاً لمنظمة "لاهافاه" ومؤسسها بنتسي غوفنشتاين ونشطاء آخرين من اليمين المتطرف، الذين هم أشخاص عاديون، فإن كتيبة "نيتسح يهودا" تعمل باسم دولة إسرائيل وكل مواطنيها، جميعهم دون استثناء. وهي تنفذ سياسة قائد المنطقة الوسطى وسياسة رئيس الأركان وسياسة وزير الدفاع وسياسة رئيس الحكومة.
هي تعمل فقط من منطلق قوة الصلاحيات التي منحتها إياها الدولة ومؤسساتها.
الجيش الإسرائيلي هو تنظيم هرمي. كتيبة "نيتسح يهودا" تنفذ سياسة أبرتهايد، احتلال ودعم لعنف المستوطنين ضد الفلسطينيين. هي تفعل ذلك لأن هذه هي الأوامر التي حصلت عليها.
المنطق يقول إنه إذا كانت الكتيبة مذنبة فإن رئيس الأركان مذنب أيضاً، ووزير الدفاع ورئيس الحكومة.
بإعادة صياغة لوصف أذرع الأخطبوط المنسوب في إسرائيل لإيران فإن كتيبة "نيتسح يهودا" هي الوكيل. وأذرع الأخطبوط تجلس في الكرياه وفي مكتب رئيس الحكومة.
لكن "نيتسح يهودا" ليست تنظيماً مارقاً في الجيش الإسرائيلي.
الحديث لا يدور عن مليشيا لا تخضع لأوامر رئيس الأركان. العلاقة بين "نيتسح يهودا" وهيئة الأركان ليست مثل العلاقة بين الحوثيين وطهران.
المسؤولية الوزارية عن نيتسح يهودا هي بالكامل لرؤساء جهاز الامن الاكبر في الدولة. وهي أيضاً تقع على بني غانتس وعلى أفيف كوخافي وعلى يائير لابيد ونفتالي بينيت، وعلى هرتسي هليفي، وعلى غادي أيزنكوت وعلى يهودا فوكس، وبالتأكيد على بنيامين نتنياهو.
الولايات المتحدة تخطئ عندما تقوم بإعفائهم من العقوبات. ويدل على ذلك رد غانتس البافلوفي، الذي دافع عن "نيتسح يهودا".
هذا الشخص غير المهذب جداً والبديل عنهم جميعاً وممثل التيار العام في إسرائيل، لم يستوعب أي شيء من رصاصة التحذير الأميركية.
يمكن القول إن فرض العقوبات على "نيتسح يهودا" لا تردع إسرائيل عن الاستمرار في الخرق المنهجي لحقوق الإنسان في المناطق.
الرسالة، كما يحبون القول في هذه الأثناء، لم تمر ولم تستوعب.
الخرق الممنهج في الضفة سيستمر بالطبع، بكامل القوة وبشكل أكثر شدة.
مشروع الاستيطان سيستمر في التوسع بميزانيات ضخمة من الحكومة.
إسرائيل ستواصل خلق حقائق على الأرض، التي ستمنع إقامة الدولة الفلسطينية.
كان سيكون من الصحيح أن يؤدي فرض العقوبات على "نيتسح يهودا" إلى تخلي كبار المسؤولين العسكريين والعامين الذين يتحملون المسؤولية المباشرة عن هذه الكتيبة، عن قواعد سلوكها في المناطق، لكن ما يحدث هو العكس. فهم يقومون باحتضانها.
مثلما أن هؤلاء القادة يؤكدون مرة تلو الأخرى أنهم منتخبو الجمهور وأن الجمهور منحهم الصلاحيات في انتخابات ديمقراطية.
وإذا كان الأمر هكذا فان رأس الأخطبوط الحقيقي هو الجمهور الإسرائيلي. وعليه يجب فرض العقوبات. الجمهور الإسرائيلي هو الذي يخرق حقوق الإنسان بشكل ممنهج في المناطق بوساطة منتخبيه.
الجمهور هو الذي ينتخب رئيس الحكومة، ورئيس الحكومة يقوم بتعيين وزير الدفاع الذي هو أيضاً منتخب من الجمهور.
وزير الدفاع يقوم بتعيين رئيس الأركان، الذي يقوم بدوره بتعيين قائد المنطقة الوسطى، الذي تعليماته يتم تنفيذها من قبل "نيتسح يهودا".
سلسلة القيادة واضحة، من مواطني إسرائيل وحتى "نيتسح يهودا".
هل هناك أي منطق في فرض عقوبات على المارينز مع تجاهل حقيقة أنهم يخضعون مباشرة لرئيس الأركان والرئيس الأميركي؟
هل "نيتسح يهودا" تشبه قوة فاغنر؟ هل هؤلاء مرتزقة يقومون بالعمل القذر للجيش الإسرائيلي مقابل الأموال؟ هل قائد نيتسح يهودا يشبه يفغيني بريغوجين؟.
من الواضح أن لا. الإدارة الأميركية تعرف كل ذلك. ولهذا فإن هذا مخيّب جداً للآمال.
عن هآرتس